هذه الأنواع من السفر والضرب في الأرض دعا إليها الإسلام ، أوحث عليها تحقيقا لأهدافه في الأرض ، وتثبيتا لتعاليمه بين الناس ، ودين هذا شأنه لا بد أن يعطي عناية خاصة للمسافرين والسائحين ، وخاصة من انقطع به الطريق منهم ، وانقطع عن ذويه وماله ومسقط رأسه ، وأن يأمر بمعونتهم بصفة عامة ، وإعطائهم من مال الزكاة ، وهو مال الجماعة بصفة خاصة ، وفي ذلك تشجيع للسياحة والسفر في سبيل الأغراض المشروعة ، وإكرام لهؤلاء في غربتهم وانقطاعهم ، وإثبات لحقيقة المجتمع المسلم المتماسك ، الذي يشد بعضه بعضا ، ويأخذ بعضه بيد بعض دون إعتبار لإختلاف الديار ، أو بعد المزار .
تميز التكافل الإجتماعي في الإسلام :
إن عناية الإسلام بالمسافرين الغرباء والمنقطعين لهي عناية فذة لم يعرف لها نظير في نظام من الأنظمة ، أوشريعة من الشرائع ، وهي لون من ألوان التكافل الإجتماعي فريد في بابه ، فلم يكتف النظام الإسلامي بسد الحاجات الدائمة للمواطنين في دولته ، بل زاد على ذلك برعاية الحاجات الطارئة التي تعرض للناس لأسباب وظروف شتى كالسياحة والضرب في الأرض ، وخاصة في عصور لم تكن في طرق المسافرين بها فنادق أو مطاعم أو محطات معدة للإستراحة كما في عصرنا ) (1) .
شروط إعطاء ابن السبيل :
وعند إعطاء ابن السبيل لا بد من مراعاة الشرطين الآتيين ، خاصة إذا كان الإعطاء من مال الزكاة :
1 أن يكون محتاجا في ذلك الموضع الذي انقطع فيه .
2 أن يكون سفره في غير معصية .
هل يوجد ابن سبيل في عصرنا ؟
ذهب بعض العلماء المتأخرين إلى أن صنف ابن السبيل لم يعد له وجود في عصرنا ، نظرا لسهولة المواصلات وسرعتها ، وتوسعها خاصة مع وجود الحوالات البنكية ، وذهب البعض إلى وجوده وهو الصحيح ومن الأمثلة على ذلك :
صفحة ١١٠