صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال
الناشر
سُجل هذا الكتاب بوزارة الثقافة
مكان النشر
بدار الكتاب برقم إيداع (٤٤٩) لسنة٢٠٠٩م
تصانيف
وفي الحديث: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) (١)، وقديمًا قيل: "من لم يتعلم في صغره غالبًا ما يتقدم في كبره".
أما مرحلة الكبر فقد دل التتبع والاستقراء من قبل العلماء والباحثين أنها مرحلة تفهم لحقائق الأشياء أكثر منها مرحلة تلقين، والعاقل يحرص على تعلم العلم وتفهمه والعمل به كبيرًا وصغيرًا، فالعلم أفضل خلف، والعمل به أكمل شرف، وفي المثل: "لا سمير كالعلم ولا ظهير كالحلم".
فتعلم أخي العلم فإنه يصلح فاسدك، ويرغم حاسدك، ويقيم ميلك، ويصلح أملك، ويقرب عليك ما بعد، وعلِّمه الصغير ليكون في الكبر أميرًا، وقد قال بعض الحكماء: "تعلم العلم فإنه يقومك ويسددك صغيرا، ويقدمك ويسودك كبيرا" وقيل: "تعلم العلم فإنه عز لا يبلى جديده، وكنز لا يفنى مديده، فمن لمن يعلم لم يسلم، فالفضل بالعقل والعلم والأدب لا بالأصل والحسب". (٢)
ومما يرغب فيه جني ثمار العلم ممن تحب وممن لا يعجب، وقد قيل: لا يمنعك ضعة القائل عن الاستماع إليه، فرب فمٍ كريهٍ مج علمًا ذكيا، وتبرٍ صافٍ في صخرٍ جاس، والجوهرة النفيسة لا يشينها سخافة غائصها، ولا دناءة بائعها، فاستكثر أخي العلم فإنه خفيف حمله، قال أبو نواس: ما رأيت شيئًا إلا قليله أخف من كثيره إلا العلم فإنه كلما كان أكثر كان أخف محمل،
_________
(١) - أخرجه البخاري في صحيحه باب ما قيل في أولاد المشركين حديث (١٣١٩)، ومسلم في صحيحه باب معنى كل مولود يولد على الفطرة حديث (٢٦٥٨)، واللفظ للبخاري.
(٢) - انظر الفرائد والقلائد ص١١.
1 / 32