Atê
تتسم بالسرعة ودائما ما تسبق إلهات الصلاة. إذا ما خضع المرء لإلهات الصلاة اللواتي يتحن بعدما تصيبه «آتي»
atê (في تلميح إلى أن ذلك الحال الذي كان عليه أجاممنون)، فستصبح الأمور كلها على ما يرام. ولكن إن أنت أنكرت إلهات الصلاة، فستتابع «آتي»
atê
مسيرها بسرعة أكبر. بعبارة أخرى، الأمور لا تزداد سوءا إلا عندما يرفض المرء أن يقبل التسويات العادلة المقدمة بصدق.
في البداية يقدم فوينيكس نصيحة مباشرة، ثم حكاية رمزية، والآن «أسطورة ميلياجروس» المعقدة عن ذلك البطل من أيتوليا (الركن الجنوبي الغربي من بر اليونان الرئيسي، شمال شبه جزيرة بيلوبونيز) الذي قتل الخنزير البري الكاليدوني الرهيب. وأدى الصراع حول الصيد (الخنزير) إلى حرب بين الكاليدونيين وجيرانهم الكوريتيين والتي في غمارها أجهز ميلياجروس على خاله، شقيق والدته. ومقتا لابنها بسبب هذا، أطلقت أم ميلياجروس عليه لعناتها. واستياء من اللعنة حبس ميلياجروس نفسه في حجرته مع زوجته. ورغم أن الكاليدونيين عرضوا عليه هدايا كثيرة ليعود إلى الحرب، فلم يعد إلا عندما وصلت النار إلى بابه، وعندئذ لم يتلق سؤددا من أي أحد. والمغزى الأخلاقي من هذه القصة هو: لا تجعل هذا يكون مصيرك يا آخيل.
خاطب أوديسيوس حب آخيل للمجد، بيد أن فوينيكس خاطب تقديره للسلوك الأخلاقي؛ فالأمور تجري في العالم بهذه الطريقة أو تلك. إن تعرضت للأذى ينبغي أن تقبل التعويض؛ حتى يمكن للحياة أن تمضي في طريقها. كان موقف ميلياجروس مفهوما، ولكن لأنه تمادى فيه، لم ينل أي سؤدد في النهاية. وتلك طبائع الأمور.
أما رد آخيل فمقتضب:
فوينيكس، يا سيدي الكبير، يا أبي، يا من رباك زيوس، إنني لست بحاجة لسؤددهم؛ فإنني، حسبما أظن، أتلقى سؤددا قسمه لي زيوس. (الإلياذة، 9، 607-608)
اعتبر بعض المعلقين أن تصريح آخيل الغريب والمتطرف ينطوي على اكتشافه لطريقة مختلفة لهيكلة القيم، مشابهة لطريقة العالم الغربي المعاصر، يكون فيها الذنب، وليس العار، هو الشعور الأساسي الذي يختلج المرء عندما يتجاوز القواعد الأخلاقية، التي أسماها آخيل قسمة زيوس. وهذا النوع من المواقف تجاه السلوك الخير والشرير هو موقف مصري في الأصل، ولكنه نقح من قبل اليهود والمسيحيين لكي يكون مألوفا لنا. فرادع الذنب نابع من الداخل، وهو شعور المرء بتأنيب الضمير؛ ذلك هو حالنا. أما العار، على النقيض، فينبع من قصور في نمط مثالي لسلوك اجتماعي؛ وذلك هو الحال مع المحارب الهوميري. ظلت الحضارات الآسيوية الحديثة «ثقافات عار» لا يترك فيها «فقدان ماء الوجه» (خسارة المرء لكبريائه) سببا يذكر لبقاء الفرد على قيد الحياة. إن رادع العار هو رادع خارجي، مثلما أن «غنيمة» آخيل هنا هي معادلة لسؤدده. إننا نرى بوضوح عبقرية هوميروس الأخلاقية في ادعاء آخيل الاستثنائي بعدم مبالاته بما يعتقده الناس بشأنه، في رفضه لثقافة العار.
صفحة غير معروفة