الذل والانكسار للعزيز الجبار
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
إِنَّمَا الغرام الملازم له ما دامت السموات والأرض، قال: صدق القوم، والله الَّذِي لا إله إلا هو فعملوا ولم يتمنوا فإياكم -رحمكم الله- وهذه الأماني فإن الله لم يعط عبدًا (بأمنيته) (*) خيرًا قط في الدُّنْيَا والآخرة، وكان يقول: يا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة لوعتها.
وقد شرع الله تعالى لعباده من أنواع العبادات ما يظهر فيه خشوع الأبدان، الناشئ عن خشوع القلب وذله وانكساره، ومن أعظم ما يظهر فيه خشوع الأبدان لله تعالى من العبادات الصلاة، وقد مدح الله تعالى الخاشعين فيها بقوله ﷿: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ (١) وقد سبق بعض ما قاله السلف في تفسير الخشوع في الصلاة.
وقال ابن لهيعة عن عطاء بن دينار رحمه الله تعالى عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ (١) يعني: متواضعين لا يعرف من عن يمينه ولا من عن شماله، ولا يلتفت من الخشوع لله ﷿.
وقال ابن المبارك عن أبي جعفر عن ليث عن مجاهد: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ (٢) قال: القنوت: الركون والخشوع، وغض البصر وخفض الجناح من رهبة الله ﷿.
قال: وكان العُلَمَاء إذا قام أحدهم في الصلاة هاب الرحمن ﷿ أن يشذ نظره، أو يلتفت أو يقلب الحصى، أو يعبث بشيء أو يحدث -يعني- نفسه بشيء من الدُّنْيَا إلا ناسيًا ما دام في صلاته.
وقال منصور عن مجاهد رحمه الله تعالى، في قوله تعالى: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ (٣) قال: الخشوع في الصلاة.
_________
(*) بالأمنية: "نسخة".
(١) المؤمنون: ١ - ٢.
(٢) البقرة: ٢٣٨.
(٣) الفتح: ٢٩.
1 / 300