الذل والانكسار للعزيز الجبار
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وخرج ابن ماجه (١) من حديث ابن الزبير ﵁ قال: "لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إِسْلَامِهِمْ وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يُعَاتِبُهُمُ اللَّهُ بِهَا إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ".
وقد سمع كثير من الصالحين هذه الآية تتلى، فأثرت فيهم آثارًا متعددة، فمنهم من مات عند ذلك لانصداع قلبه بها، ومنهم من تاب عند ذلك وخرج عما كان فيه.
وقد ذكرنا أخبارهم في كتاب "الاستغناء بالقرآن".
وقال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢) الآية.
قال أبو عمران الجوني: والله لقد صرف إلينا ربنا في هذا القرآن ما لو صرفه إِلَى الجبال لحتها و(حناها). (*).
وكان مالك بن دينار ﵀ يقرأ هذه الآية ثم يقول: أقسم لكم، لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه.
وروي عن الحسن رحمه الله تعالى قال: يا ابن آدم إذا وسوس لك الشيطان بخطيئة أو حدثت بها نفسك فاذكر عند ذلك ما حملك الله من كتابه مما لو حملته الجبال الرواسي لخشعت وتصدعت أما سمعته يقول: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢).
فإنما ضرب لك الأمثال لتتفكر فيها، وتعتبر بها وتزدجر عن معاصي الله ﷿، وأنت يا ابن آدم أحق أن تخشع لذكر الله، وما حملك من كتابه وآتاك من حكمة، لأنّ عليك الحساب ولك الجنة أو النار.
_________
(١) برقم (٤١٩٢).
(٢) الحشر: ٢١.
(*) جباها: "نسخة".
1 / 298