الحلة السيراء

ابن الأبار ت. 658 هجري
174

الحلة السيراء

محقق

الدكتور حسين مؤنس

الناشر

دار المعارف

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٩٨٥م

مكان النشر

القاهرة

وَدخلت مَدِينَة الأربس بِالسَّيْفِ وَبلغ الْخَبَر زِيَادَة الله عِنْد صَلَاة الْعَصْر يَوْم الْأَحَد بعده فر على وَجهه وَأسلم الْبِلَاد وَلحق بإطرابلس ميممًا ديار مصر وَذَلِكَ فِي خلَافَة المقتدر بن جَعْفَر بن المعتضد فَكَانَت ولَايَته سِتّ سِنِين إِلَّا شَهْرَيْن وأيامًا أتلف جلها فِي اللَّذَّات والبطالة حَتَّى انتقضت دولته وظفر بِهِ عدوه وَكَانَ فراره من مدينه رقاده الَّتِي بناها جده إِبْرَاهِيم بن أَحْمد وأجرى إِلَيْهَا الْمِيَاه واغترس فِيهَا صنوف الثِّمَار الطّيبَة والرياحين وَبنى على الْقُصُور الَّتِي أحدث فِيهَا سورًا وَأحد هَذِه الْقُصُور يُسمى بَغْدَاد وَآخر مِنْهَا يُسمى الْمُخْتَار فَصَارَت أكبر من القيروان وَبَينهمَا سِتَّة أَمْيَال فَلَمَّا ولى زِيَادَة الله هَذَا انْتقل إِلَيْهَا وحفر بهَا حفيرًا بناه صهريجًا طوله خَمْسمِائَة ذِرَاع وَعرضه أَرْبَعمِائَة ذِرَاع وأجرى إِلَيْهَا ساقية وَسَماهُ الْبَحْر وَبنى فِيهِ قصرًا وَسَماهُ الْعَرُوس على أَربع طَبَقَات أنْفق فِيهِ سوى خسر الْيَهُود والعجم مِائَتي ألف دِينَار واثنين وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَكَانَ عبيد الله يَقُول رَأَيْت ثَلَاثَة أَشْيَاء بإفريقية لم أر مثلهَا بالمشرق مِنْهَا هَذَا الْقصر فَبِهَذَا وَأَمْثَاله كَانَ اشْتِغَاله حَتَّى حَالَتْ لأوّل وهلة حَاله ليصدق مَا قَالَه أَبُو الْفَتْح البستي (إِذا غَدا ملك باللهو مشتغلًا ... فاحكم على ملكه بِالْوَيْلِ وَالْحَرب) وَحكى أَبُو إِسْحَاق الرَّقِيق أَنه سَأَلَ مؤنسًا المغنى هَل يعلم صَوتا من أصواته لم يسمعهُ مِنْهُ فَقَالَ وَالله يَا مولَايَ مَا علمت غير بَيت وَقد أنسيت أَوله قَالَ هاته فغناه

1 / 176