174

حجة الله البالغة

محقق

السيد سابق

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

سنة الطبع

مكان النشر

بيروت - لبنان

فِي الْمَسْأَلَة والعزم على أَنه إِذا ظهر حَدِيث صَحِيح خلاف مَا قلد فِيهِ ترك التَّقْلِيد، وَاتبع الحَدِيث قَالَ رَسُول الله ﷺ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله﴾ . إِنَّهُم لم يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكنهُمْ كَانُوا إِذا أحلُّوا لَهُم شَيْئا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذا حرمُوا عَلَيْهِم شَيْئا حرمُوهُ ". وَمِنْهَا خلط مِلَّة بِملَّة حَتَّى لَا تتَمَيَّز وَاحِدَة من الْأُخْرَى، وَذَلِكَ أَن يكون إِنْسَان فِي دين من الْأَدْيَان تعلق بِقَلْبِه عُلُوم تِلْكَ الطَّبَقَة، ثمَّ يدْخل فِي الْملَّة الإسلامية، قيبقى ميل قلبه إِلَى مَا تعلق بِهِ من قبل، فيطلب لأَجله وَجها فِي هَذِه الْملَّة وَلَو ضَعِيفا أَو مَوْضُوعا، وَرُبمَا جوز الْوَضع وَرِوَايَة الْمَوْضُوع لذَلِك، وَهُوَ قَوْله ﷺ: " لم يزل أَمر بني إِسْرَائِيل معتدلا حَتَّى نَشأ فيهم المولدون وَأَبْنَاء سَبَايَا الْأُمَم، فَقَالُوا بِالرَّأْيِ فضلوا وأضلوا " وَمِمَّا دخل فِي ديننَا عُلُوم بني إِسْرَائِيل وتذكير خطباء الْجَاهِلِيَّة وَحِكْمَة اليونانيين ودعوة البابليين وتاريخ الفارسيين والنجوم والرمل وَالْكَلَام، وَهُوَ سر غضب رَسُول الله ﷺ حِين قرئَ بَين يَدَيْهِ نُسْخَة من التَّوْرَاة، وَضرب عمر ﵁ من كَانَ يطْلب كتب دانيال، وَالله أعلم. (بَاب أَسبَاب اخْتِلَاف دين نَبينَا ﷺ وَدين الْيَهُود والنصرانية) اعْلَم أَن الْحق تَعَالَى إِذا بعث رَسُولا فِي قوم، فَأَقَامَ الْملَّة لَهُم على لِسَانه، فَإِنَّهُ لَا يتْرك فِيهَا عوجا وَلَا أمتا، ثمَّ إِنَّه تمضى الرِّوَايَة عَنهُ، ويحملها الحواريون من أمته كَمَا يَنْبَغِي بُرْهَة من الزَّمَان، ثمَّ بعد ذَلِك يخلف خلف يحرفونها، ويتهاونون فِيهَا، فَلَا تكون حَقًا صرفا بل ممزوجا بِالْبَاطِلِ، وَهُوَ قَوْله ﷺ: " مَا من نَبِي بَعثه الله فِي أمته إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بسنته، ويقتدون بأَمْره، ثمَّ يخلف من بعدهمْ خلوف يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ويفعلون مَا لَا يأمرون " الحَدِيث، وَهَذَا الْبَاطِل مِنْهُ إشراك جلي وتحريف صَرِيح يؤاخذون عَلَيْهِ على كل حَال، وَمِنْه إشراك خَفِي وتحريف مُضْمر لَا يُؤَاخذ الله بهَا حَتَّى يبْعَث الرَّسُول فيهم، فيقيم الْحجَّة، ويكشف الْغُمَّة ليحيا من حَيّ عَن بَيِّنَة وَيهْلك من هلك عَن بَيِّنَة، فَإِذا بعث فيهم الرَّسُول رد كل شَيْء إِلَى أَصله، فَنظر إِلَى شرائع الْملَّة الأولى ...

1 / 213