حجة الله البالغة
محقق
السيد سابق
الناشر
دار الجيل
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
سنة الطبع
مكان النشر
بيروت - لبنان
رَمَضَان، ثمَّ وَقع الِاشْتِبَاه فِي صُورَة الْغَيْم، فَكَانَ الحكم مَا عِنْد الْعَرَب من إِكْمَال عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ، وَأَن الشَّهْر قد يكون ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَقد يكون تِسْعَة وَعشْرين، وَهُوَ قَوْله ﷺ " إِنَّا أمة أُميَّة لَا نكتب وَلَا نحسب الشَّهْر كَذَا " الحَدِيث. وكما ورد النَّص فِي الْقصر بِصِيغَة السّفر، ثمَّ وَقع الِاشْتِبَاه فِي بعض الْموَاد، فَحكم الصَّحَابَة أَنه خُرُوج من الوطن إِلَى مَوضِع لَا يصل إِلَيْهِ فِي يَوْمه ذَلِك وَلَا أَوَائِل ليلته تِلْكَ، وَمن ضَرُورَته أَن يكون مسيرَة يَوْم وَشَيْء مُعْتَد بِهِ من الْيَوْم الآخر، فيضبط بأَرْبعَة برد. وَاعْلَم أَن الْعُمْدَة فِي تَخْصِيص النَّبِي ﷺ بِحكم من بَين أمته أَن يكون الحكم رَاجعا إِلَى مَظَنَّة شَيْء دون حَقِيقَته، وَهُوَ قَول طَاوس فِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر إِنَّمَا نهى عَنْهُمَا لِئَلَّا يتَّخذ سلما، وَالنَّبِيّ ﷺ يعرف الْحَقِيقَة، فَلَا اعْتِبَار فِي حَقه للمظنة بعد مَا عرف
المثنه كتزوج أَكثر من أَرْبَعَة نسْوَة هُوَ مَظَنَّة ترك الاحسان فِي الْعشْرَة الزَّوْجِيَّة وإهمال أمرهن، وَيشْتَبه على سَائِر النَّاس، أما النَّبِي ﷺ، فَهُوَ يعرف مَا هُوَ المرضى عَنهُ فِي الْعشْرَة الزَّوْجِيَّة، فَأمر بِنَفسِهِ دون مظنته، أَو يكون رَاجعا إِلَى تَحْقِيق الرَّسْم دون معنى تَهْذِيب النَّفس كنهيه عَن بيع وَشرط، ثمَّ ابْتَاعَ من جَابر بَعِيرًا على أَن لَهُ ظَهره إِلَى الْمَدِينَة، أَو يكون مفضيا إِلَى شَيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى من لَيْسَ لَهُ مسكة الْعِصْمَة، وَهُوَ قَول عَائِشَة ﵂ فِي قبْلَة الصَّائِم أَيّكُم يملك أربه كَمَا كَانَ رَسُول الله ﷺ يملك أربه، أَو تكون نَفسه الْعَالِيَة مقتضية لنَوْع من الْبر فَيُؤْمَر بِهِ لِأَن هَذِه النَّفس تشتاق إِلَى زِيَادَة التَّوَجُّه إِلَى الله، وَإِلَى زِيَادَة خلع جِلْبَاب الْغَفْلَة، كَمَا يشتاق الرجل الْقوي إِلَى أكل طَعَام كثير كالتهجد وَالضُّحَى وَالْأُضْحِيَّة على قَول، وَالله أعلم.
(بَاب التَّيْسِير)
قَالَ الله تَعَالَى:
1 / 196