وأما استدلال الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) بهذا الحديث على أن الجمعة تقام في القرية إذا كان فيها أربعون رجلا أحرارا بالغين مقيمين، لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء إلا لحاجة، سواء كانت أبنيتها من حجر أو طين أو خشب أو قصب أو نحوها، فلو انهدمت أبنيتها فأقام أهلها على العمارة لزمتهم الجمعة فيها لأنها وطنهم سواء كانوا في مظال أم لا؛ مردود لما قدمناه، ولأن هذه الشروط التي ذكروها لا يدل الحديث على شيء منها أصلا، ولأنه إنما دعاهم إلى الاستدلال بهذا الحديث هو ما في رواية وكيع أن جواثى قرية من قرى البحرين (¬3) . ويجاب بأنه قد يطلق على المصر اسم القرية كما في قوله تعالى { لولا أنزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم } (¬4) والمراد بالقريتين في الآية مكة والطائف (¬5) . على أن الجوهري (¬6) وابن الأثير (¬7) قالا: "إن جواثى اسم لحصن بالبحرين". وكذا قال شارح القاموس أيضا (¬8) . وضبطه في المراصد جواثى -بالضم، ويمد ويقصر- حصن لعبد القيس بالبحرين. وقال صاحب المبسوط: "هي مدينة" (¬9) . وكذا قال البكري في معجمه أيضا (¬10) .
¬__________
(¬1) - ... انظر؛ النووي: المجموع (شرح المهذب)، 04/501 وما بعدها.
(¬2) - ... انظر؛ ابن قدامة: المغني، 02/171.
(¬3) - ... ابن حجر: فتح الباري، 02/380.
(¬4) - ... سورة الزخرف: الآية31.
(¬5) - ... الزمخشري: الكشاف، 05/224. الطبري: التفسير، 25/39.
(¬6) - ... الجوهري: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، 01/413.
(¬7) - ... ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، 01/311.
(¬8) - ... الحسيني: تاج العروس في شرح القاموس، 01/610.
(¬9) - ... انظر؛ السرخسي: المبسوط، 02/22.
(¬10) - ... البكري: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، 01/401.
صفحة ٨٣