المبحث الثالث: أهمية ومكانة رسالة الحجج المقنعة إن المستقصي لموضوع صلاة الجمعة وأحكامها في أمهات كتب الفقه الإباضي يجد صعوبة جمة في التعامل مع هذا الموضوع، رغم أهمية وغزارة المادة في تلك الكتب، وذلك بسبب أن بعضها لم يعتن بالتبويب وحسن الترتيب، وبعضها لم يعتن بالتأصيل (ذكر الدليل)، وبعضها لم يعتن بالمقارنة والترجيح، وبعضها لم يعتن بتقصي فروع المسائل في الموضوع الواحد، وهكذا ...
وبناء على ذلك فإن رسالة الحجج المقنعة قد اكتسبت أهمية كبيرة من عدة جوانب منها:
1) كون موضوعها في رسالة مستقلة عن المواضيع الفقهية الأخرى التي احتوتها الأسفار الضخام، والتي لا يستطيع الكثيرون اقتناءها ولا الاطلاع عليها لصعوبة التعامل معها.
2) حاول فيها المؤلف -رحمه الله- جمع حجج الإباضية في أهم نقاط الخلاف بينهم وبين غيرهم في موضوع صلاة الجمعة، وتقصاها في بطون الكتب التي لم تفتأ تذكر بعضها وتعزف عن أخرى.
3) لم يكتف المؤلف -رحمه الله- بجمع الحجج فقط، بل قارن بينها ورجح ما رجح، وفند ما فند؛ سواء في ما بين الإباضية وغيرهم، أو فيما بين الإباضية أنفسهم.
4) رتب المؤلف -رحمه الله- مسائلها ترتيبا متسلسلا يجعلك تتتبع الجزئيات دون تيه ودون عناء رغم استطراده أحيانا في نقط فرعية.
وبفضل هذه الرسالة يستطيع المرء أن يطلع على رأي الإباضية في موضوع الجمعة، والأدلة التي اعتمدوها، وبذلك يدرك أنهم -وإن خالفوا في بعض المسائل والفروع- كغيرهم من المذاهب الإسلامية يعتمدون على: الكتاب والسنة والإجماع والقياس وباقي الأصول التشريعية الأخرى المعروفة لدى عموم المسلمين، وذلك مما يكفل تضييق فجوة الخلاف بين المدارس الإسلامية، ويجعلها متكاملة غير متضادة.
المبحث الرابع: وقفة مع أحاديث أصل بها السالمي أهم المسائل
أولا: تخريج الأحاديث:
صفحة ١٤