قال أبو عبد الله: "فأنا أرى على عمر بن الأخنس وعلى من صلى معه النقض" (¬1) . فهذا أبو علي لم ير بأسا بصلاة عمر ومن خلفه، فكأنه لم ير أن إذن الإمام شرط في صحة الجمعة، وأبو عبد الله رأى عليهم النقض؛ فمذهبه أن إذن الإمام شرط في صحتها. وقد تقدم (¬2) عن أبي عبد الله أنه لا يرى أن نفس وجود الإمام شرط في صحة الجمعة، وقد أجازها بصحار مطلقا عند إمام عادل أو جائر، أو عند والي الإمام العادل أو الجائر، أو لم يكن بصحار أحد من قبل السلطان أصلا، فاشتراطه إذن الإمام لصحتها مع ما تقدم عنه مشكل جدا، ويندفع هذا الإشكال بما إذا قلت: إن أبا عبد الله إنما لم يشترط الإمام لصحة الجمعة في الأمصار الممصرة دون غيرها من سائر القرى، أما في سائر القرى والأمصار التي لم تمصر فيشترط ذلك، والقضية الواقعة هاهنا إنما هي بنزوى لا بصحار، وليست نزوى من الأمصار الممصرة فاندفع الإشكال واتضح الحق، والله أعلم.
¬__________
(¬1) - ... الكندي: بيان الشرع، 15/21.
(¬2) - انظر التعليق رقم (116). ...
صفحة ١٢٠