114

الحجة في القراءات السبع

محقق

د. عبد العال سالم مكرم [ت ١٤٢٩ هـ] الأستاذ المساعد بكلية الآداب - جامعة الكويت

الناشر

دار الشروق

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٠١ هـ

مكان النشر

بيروت

فاليوم قد بتّ تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيّام من عجب «١» وليس في القرآن- بحمد الله- موضع اضطرار. هذا احتجاج البصريين. فأمّا الكوفيون فأجازوا الخفض، واحتجّوا للقارئ بأنه أضمر الخافض، واستدلوا بأن (العجاج) «٢» كان إذا قيل له: كيف تجدك؟ يقول: خير عافاك الله، يريد: بخير. وقال بعضهم: معناه. واتقوه في الأرحام أن تقطعوها. وإذا كان البصريون لم يسمعوا الخفض في مثل هذا ولا عرفوا إضمار الخافض فقد عرفه غيرهم، وأنشد: رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الحياة من خلله «٣» أراد: وربّ رسم دار إلّا أنهم مع إجازتهم ذلك، واحتجاجهم للقارئ به يختارون النصب في القراءة. قوله تعالى: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيامًا «٤». يقرأ بإثبات الألف، وطرحها. وهما لغتان، وأصل الياء فيهما واو، وقلبت ياء لكسرة ما قبلها كما قالوا: ميعاد وميزان. فالحجة لمن أثبت الألف: أن الله تعالى جعل الأموال قياما لأمور عباده. والحجة لمن طرحها: أنه أراد: جمع قيمة، لأن الأموال قيم لجميع المتلفات. فإن قيل: فإن (التي) اسم واحد والأموال جمع، فقل: إن كلّ جمع خالف الآدميّين كان كواحده المؤنث، لأن لفظه وإن كان جمعا كلفظ الواحد. ومنه قوله: حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ «٥». فإن قيل: فهلّا كان في التثنية كذلك؟ فقل: لما صح لفظ التثنية ومعناها اقتصروا فيها على لفظ واحد، ولما وقع الجمع بألفاظ في القلّة والكثرة اتسعوا فيه لاتساع معانيه.

(١) انظر (إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ورقة: ٢١٦). (الكامل في اللغة والأدب لأبي العباس المبرد ٢: ٧٤٩). (الإنصاف ١: ٣٩٢). (الدرر اللوامع ١: ٩٠، ٢: ١٩٢). (شرح المفصل ٣: ٧٨). (الكتاب لسيبويه ١: ٣٩٢) (مفاتيح الغيب للإمام محمد الرازي ١: ١٣١). (٢) العجاج: اسمه عبد الله بن رؤبة، أحد بني سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم (طبقات فحول الشعراء: ٥٧١)، و(معجم الأدباء ١١: ١٥٠). (٣) انظر: (الإنصاف ١: ٣٧٨. الدرر اللوامع ١: ٢١١. الخزانة: ٤: ١٩٩، وشرح المفصل ٣: ٢٨). (٤) النساء: ٥. (٥) النمل: ٦٠.

1 / 119