129

الحدود والتعزيرات عند ابن القيم

الناشر

دار العاصمة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثانية ١٤١٥ هـ

تصانيف

﵃ قضى أو رأى حسبما أداه إليه اجتهاده بدلالة أن عمر ﵁ اختلف اجتهاده في هذه المسألة بين الرجم للمحصن فقط وبين الجمع بين الرجم والجلد للمحصن إذا كان شيخًا ورجمه فقط إذا كان شابًا. والعصمة في نص المعصوم ﷺ وقد تكاثرت الوقائع على أنه ﷺ رجم ماعزًا. ورجم الغامدية. ورجم الجهنية. ورجم اليهوديين. وهي جميعها متأخرة عن حديث عبادة ﵁ وليس فيها: سوى الرجم ولا ذكر للجلد. فصار الأظهر- والله أعلم- هو مذهب الجمهور المختار لدى ابن القيم رحمه الله تعالى: وهو الاقتصار على الرجم فقط في حق كل محصن. ويتقوى هذا أيضًا بعدة أمور ذكرها شيخنا محمد الأمين رحمه الله تعالى فقال في بيانها (١): (منها: أنه قول جهور أهل العلم. ومنها: أن روايات الاقتصار على الرجم في قصة ماعز، والجهنية والغامدية، واليهوديين كلها متأخرة بلا شك عن حديث عبادة، وقد يبعد أن يكون في كل منها الجلد مع الرجم ولم يذكره أحد من الرواة مع تعدد طرقها. ومنها: أن قوله الثابت في الصحيح (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) تصريح منه ﷺ بأن جزاء اعترافها رجمها، والذي يوجد بالشرط هو الجزاء وهو في الحديث الرجم فقط. ومنها: أن جميع الروايات المذكورة المقتضية لنسخ الجمع بين الجلد والرجم على أدنى الاحتمالات لا تقل عن شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات. ومنها: أن الخطأ في ترك عقوبة لازمة أهون من الخطأ في عقوبة غير لازمة والعلم عند الله تعالى) .

(١) انظر: أضواء البيان ٦/٤٧- ٤٨

1 / 136