فقالت بنعومة، وهي تتناول كأسها: إنما أجيء هذه المرة من أجل نفسي لا من أجلك.
متوسطة القامة، رشيقة كلاعبة في سيرك، بيضاء موردة من الأمام، ومن الناحية اليسرى تتبدى جمالا أنيقا نبيلا، أما عارضتها اليمنى، فمشدودة في تقلص، مدبوغة باحمرار ضارب للسواد، وبها بقع منفرة ونتوءات كالدرن. جلست واضعة رجلا على رجل، وهي ترنو إليه بغموض وتحفز، حتى أثارت حب استطلاعه إلى أقصى حد. قال، وهو واقف أمامها: ما أسعدني بك يا سمراء! - لا تكذب، أنت تسعد بالعصافير، التي أجيء بها! - ولكنك تعلمين كم أحبك وأحترمك!
فقالت ساخرة: لا يهمني الاحترام! - لا شيء يرفع من شأن الإنسان كالمأساة. - لا تذكرني بأشياء لم أعد أتذكرها.
فقال بلهجة صادقة: نحن في زمن خسيس معبوده المال، وبوسعك أن تربحي منه الآلاف، ولكنك تجودين بكل جميل من أجل اللهو والحب لا المال، أنت من كوكب آخر!
فقالت ضاحكة في سرور: أنا صاحبة محل وغنية! - لا تبخسي حقك من الثناء، لو أردت لبلغت درجات أخرى من الغنى لا يقاس بها غناك.
فقامت بنفسها إلى البار؛ لتملأ كأسها من جديد، ثم عادت إلى مجلسها وهي تقول: اسمع يا عزيزي الكهل الفاسق، إنما قصدتك لمسألة تهمني شخصيا. - في خدمتك، لعلك تريدين مشاهدة آخر الأفلام.
فقالت بهدوء، وهي تنفذ إلى روحه بنظرة عينيها: أريد عليات!
لاح لأول وهلة كأنما يحاول تذكر صاحبة الاسم، فقالت بتحد: الفتاة التي دعوتني لإجهاضها! - آه، ولكني لا أدري عنها شيئا تقريبا، إلا إذا جاءتني بنفسها، هل لي أن أتطفل فأسأل عن السبب؟
فقالت ببساطة: الظاهر أني عشقتها.
فضحك حسني، ثم تساءل: ترى هل تحب هي ذلك؟ - عندي أمل! - أليس لديك من البنات ما ...
صفحة غير معروفة