وعرض فيلم مرزوق، فحقق نجاحا ملحوظا، أما هو شخصيا، فاعترف به كفنان موهوب، وتنبأ له أكثر من ناقد بمستقبل باهر.
وتعاقد معه أحمد رضوان على ثلاثة أفلام، فاستقرت الأرض تحت قدميه، وعزم على الزواج من عليات في أقرب فرصة. وعندما اشترك مع فتنة ناضر في تمثيل أول الأفلام المتعاقد عليها، شعر بأنها توليه عناية خاصة، فتلقى ذلك بحذر شديد، حرصا على علاقته الطيبة بأحمد رضوان. وكانا - مرزوق وفتنة - يستريحان في حديقة الاستوديو بين فترات التصوير حين سألته: أحق ما يقال عن زواجك؟
فأجابها بطيبة: في أقرب فرصة. - مبارك مقدما.
ثم مستدركة: ستكون أول وجه جديد متزوج. - أجل! - ولكن ألا تحتاج إلى حرية مطلقة، وخاصة في البداية؟! - طالت مدة الخطوبة، وليس ثمة ما يبرر التأجيل.
فسكتت قليلا مستسلمة لبرودة الليل، ثم سألت: وهل خطيبتك من الوسط الفني؟ - كانت زميلة جامعية، وهي الآن موظفة بالشئون الاجتماعية. - أعتقد أنها مطالبة بحكمة سقراط؛ لكي تسعد معك. - يا لها من مبالغة!
ومشت قليلا حتى غابت في الظلام تماما، ثم عادت إلى منطقة النور، وهي تقول: توجد فرصة لإنشاء شركة بيننا!
فدهش مرزوق، وتساءل: شركة؟! - ليس بالمعنى التجاري، أعني ثنائية ناجحة. - سمعت ذلك من الأستاذ أحمد وسعدت به. - فعلينا أن نتحمس لثنائيتنا! - بكل سعادة من ناحيتي! - لي الثقة كل الثقة في رأي أستاذي أحمد.
ورمته بزهرة بنفسج كانت تفرها بين إصبعيها وذهبت؛ اضطرب مرزوق، اجتاحته عاطفة سعيدة وآثمة؛ تذكر عليات فيما يشبه الاعتذار والندم.
18
بدا حسني حجازي جادا أكثر من المألوف. وقف في حجرة الجلوس ينظر باهتمام وإشفاق إلى منى زهران. ولم تكن تبادله النظر، عيناها السوداوان شبه مغمضتين مستسلمة إلى مسند الفوتيل الكبير كالنائمة، تعلوها الكآبة. وقال لنفسه إنها الصديقة الوحيدة التي لم تستسلم لنزواته، والتي لا تستسلم إلا للحب. وهو يذكر كيف زارته أول مرة وهي طالبة بصحبة عليات وسنية مسوقة بحب الاستطلاع، وكيف شاهدت أفلامه الجنسية المثيرة، ولكنها لم تنزلق رغم الإثارة، فلم تهبه أكثر من الصداقة، وكف هو منذ زمن بعيد عن مطالبتها بمزيد، قال: دعوتك لأني شعرت بأنك في حاجة إلى صديق في محنتك.
صفحة غير معروفة