161

حب امرأة طيبة

تصانيف

بعد الغداء، في المطعم، قالت روزماري إنها تريد إهداء كارين شيئا، ليس بمناسبة عيد ميلادها أو رأس السنة، وإنما بغير مناسبة؛ هدية جميلة.

ذهبتا إلى متجر كبير، وكلما أبطأت كارين لتتفحص شيئا ما، سارعت روزماري وتحمست واستعدت لشرائه. كانت مستعدة لشراء معطف مخملي ذي ياقة وأساور من الفراء، وحصان هزاز مطلي بطلاء التحف، وفيل من نسيج البلش وردي اللون؛ حجمه ربع حجم الفيل الطبيعي. ولكي تنهي كارين هذه الحيرة البائسة، انتقت حلية زهيدة الثمن؛ تمثالا لراقصة باليه واقفة فوق مرآة. لم تكن راقصة الباليه تدور حول نفسها، ولم تنبعث موسيقى من الحلية تتراقص عليها، ولم يكن هناك قط ما يبرر هذا الاختيار. المتوقع أن تفهم روزماري هذا؛ أن تفهم أن هذا الاختيار يدل على أن كارين لا يمكن إسعادها بالهدية، وأنه ما من سبيل لتعويضها، وما من سبيل لنيل تسامحها. لكنها لم تفهم هذا، أو بالأحرى اختارت ألا تفهمه، وقالت: «تعجبني الهدية، راقصة رشيقة وستبدو جميلة على منضدة زينتك. حقا جميلة.»

إلا أن كارين دست الهدية في أحد الأدراج، وعندما وجدتها جريس، أوضحت لها كارين أن إحدى صديقاتها في المدرسة أهدتها إياها، ولم تشأ هي أن تجرح صديقتها بأن تقول لها إنها ليست من الأشياء التي تروق لها.

وقتها، ما كانت جريس معتادة على التعامل مع الأطفال بعد، وإلا لشككت في هذه القصة.

فقالت: «أفهم ما تقولين. سوف أتبرع بها في مزاد المستشفى؛ لا أظن أنها قد تراها هناك. وعلى كل حال، يصنع المئات منها، فلن تلاحظ أن هذه هي التي أهدتك إياها.» •••

سمعت كارين من الطابق السفلي صوت مكعبات الثلج بينما يلقيها ديريك في المشروبات، وسمعت آن تقول: «كارين في الجوار؛ أثق أنها ستظهر في أي لحظة.»

تحركت كارين بخفة، وصعدت ما تبقى من الدرج بخفة، ثم دلفت إلى غرفة آن. رأت على الفراش ثيابا متراكمة، وأعلاها ثوب الزفاف بعد أن أعيد لفه في الملاءة للاحتفاظ به. فخلعت سروالها القصير وقميصها وحذاءها، وبدأت محاولتها البائسة الصعبة لارتداء الثوب. لكن بدلا من أن ترتديه من أعلى، قررت ارتداءه من أسفل، فأخذت ترفعه بصعوبة عبر تنورته المقطوعة وجزئه العلوي من الدانتيل. ثم أدخلت ذراعيها في الكمين بحذر خشية أن تشق قماشه بأظفارها، مع أنها كانت أقصر مما يسمح بوقوع هذا، ومع هذا توخت الحذر. جذبت أطراف الدانتيل على الكمين فوق كفيها، ثم عقدت كل المشابك عند الخصر. كان أصعب ما في الأمر المشابك الموجودة في الرقبة من الخلف؛ مما اضطرها إلى إحناء رأسها وكتفيها للأمام بغية الوصول إلى المشابك وعقدها على نحو أسهل. لكن مع هذا حدثت كارثة؛ إذ تشقق الدانتيل قليلا تحت أحد الإبطين. صدمها ما حدث، بل وأوقفها عن إكمال عقد المشابك للحظة. لكن بعدها فكرت أنها قطعت شوطا كبيرا بما لا يسمح بالتراجع الآن؛ فأكملت عقد باقي المشابك دون أي مشاكل أخرى. عندما تخلع الثوب، فلعلها تخيط ما تمزق منه، أو قد تكذب وتقول إنها لاحظت تمزقه قبل أن ترتدي الثوب. وقد لا تراه آن على أي حال.

والآن وقت ارتداء الطرحة. عليها أن تكون في منتهى الحذر معها؛ لأن أي تمزق فيها سيظهر واضحا. نفضتها ثم حاولت تثبيتها بإكليل زهور التفاح؛ بالضبط كما فعلت آن، لكنها لم تستطع طي الإكليل كما ينبغي، أو تثبيته بالدبابيس الناعمة المراوغة؛ ولذا فكرت أنه من الأفضل أن تثبت الطرحة بشريط أو حزام. فتحت خزانة آن باحثة عن شيء من هذا القبيل، وفيها رأت مشجبا لربطات عنق تخص ديريك، مع أنها لم تره يوما يرتدي ربطة عنق.

التقطت من المشجب ربطة عنق مخططة، وربطتها حول جبهتها وعقدت الربطة عند مؤخرة رأسها فثبتت الطرحة بإحكام. كانت أمام المرآة حينما فعلت ذلك، وحين انتهت، نظرت إلى نفسها ورأت أنها أضافت على الثوب لمحة غجرية؛ لمحة أفقدت الثوب أناقته وإن كانت كوميدية. ثم طرأت على ذهنها فكرة جعلتها تفك كل تلك المشابك - بمجهود شاق - ثم تحشو مقدمة الثوب عند الصدر بملاءة ملفوفة بإحكام أخذتها من على فراش آن. أخذت تحشو وتحشو صدر الثوب المتهدل عليها، الذي كان مصمما وفقا لمقاس صدر آن. هكذا أفضل، وسيثير ضحكهم أكثر، ولكنها لم تستطع بعد ذلك أن تعقد جميع المشابك، فعقدت ما يكفي لتثبيت النهدين القماشيين في مكانهما، وكانت أشبه بالمهرجين. واستطاعت أيضا أن تحكم تثبيت شريط زينة العنق. وحين انتهت كان العرق يتفصد من جسدها كله.

لم تكن آن تتزين بأحمر شفاه أو أي مساحيق للعين، لكن ما يثير الدهشة أن كارين وجدت على منضدة الزينة عبوة تحوي بودرة وجه متيبسة من القدم. بصقت كارين فيها ثم لطخت وجنتيها بها. •••

صفحة غير معروفة