وقلن: إذا قضى وطرا
وأدرك حاجة هجرك
ولست أرى في هذا الشعر ما ينبئ عن ابتداع، أو يدل على اختراع، فإن تحذير الرسول من الأمور الفطرية التي تخطر ببال أحدث الناس عهدا بالحب، وأقلهم علما بما يجني الوشاة.
على أن ذلك قد يكون من عيوب تلك القوادة التي كان ينبغي أن لا تحتاج إلى تحذير، فما يصح أن تكون جارية ابن أبي ربيعة غرة بلهاء، يدرك الناس ما تسعى له، فيعرفون من تمشي إليه، أو تخطئ فهم ما أرسلت به، فتخفق فيما سعت له.
فأين كانت - لا عفا الله عنها - تلك العجوز الشمطاء، والداهية الشعواء، التي كان يرسلها ابن أبي ربيعة إلى الظباء النوافر، والحسان الغرائر، فتسمعهن من حلو الحديث ومره، وصعب الكلام وسهله، ما يجعلهن إلى الفسق أميل، ومن الفحش أقرب، فيصبحن خليعات فاجرات، بعد أن كن عفيفات طاهرات؟!
أين كانت - لا كانت - تلك التي يقول فيها:
وأتتها طبة عالمة
تمزج الجد مرارا باللعب
39
تغلظ القول إذا لانت لها
صفحة غير معروفة