وإني ألاحظ أولا أيها السادة: أن ذلكم المؤلف لم يدرس شعر ابن أبي ربيعة دراسة تمكنه من الحكم الصحيح، وتجعله قادرا على وضع الكلم في مواضعه، وأن يكون الشاهد وفقا لما يزعمه، وطبقا لما يدعيه؛ فقد رأيناه يمثل لدقة معناه وصواب مصدره بقوله:
عوجا نحي الطلل المحولا
والربع من أسماء والمنزلا
2
بجانب البوباة لم يعده
تقادم العهد بأن يؤهلا
3
وليس هذا بالكلام الرائع ذي المعنى الدقيق؛ وإنما هو شعر كان من أمره في التعقيد أن اختلف الناس في فهمه وتأويله؛ فقال إسحق بن إبراهيم: يعني أنه لم يؤهل فيعدوه تقادم العهد، وهو فهم سقيم، فإن المنزل الذي لم يؤهل حتى لا يخشى عليه تقادم العهد، ليس أهلا للتحية، ولا لتذراف الدموع، وقال بعض المدنيين: يحييه بأن يؤهل؛ أي يدعو له بذلك، وهو أنسب، وكان أولى لو مثل الكاتب لدقة المعنى وصواب المصدر بقوله:
أشارت بمدراها وقالت لأختها:
أهذا المغيري الذي كان يذكر
صفحة غير معروفة