فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا
فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي
وإن لام فيه ذو الشنان وفندا
فلم يتحرك يزيد إلى حبابة بهذا الإغراء وبقي أسبوعا لا يطلبها، فلما كان أحد الأيام قالت حبابة لبعض جواريها: إذا خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة فأعلميني. فلما أراد الخروج أعلمتها، فتلقته والعود في يدها فغنت البيت الأول، فغطى يزيد وجهه وقال: صه لا تتغني. ثم غنت: فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي، فعدل إليها وقال: صدقت والله، فقبح الله من لامني فيك. يا غلام، مر مسلمة أن يصلي بالناس، وأقام معها يشرب وتغنيه.
وكان عند يزيد جارية أخرى تحكم الضرب والغناء أكثر من حبابة، وكانت تدعى سلامة، وكان يزيد يؤثر حبابة عليها لمكانها في قلبه، ويشهد كذبا بفضلها عليها. والحكاية التالية التي ذكرها الأغاني تمثل بعض خلال يزيد، ومبلغ استهتاره وطربه:
اختلفت حبابة وسلامة في غناء هذا البيت:
وترى لها دلا إذا نطقت به
تركت بنات فؤاده صعرا
فقال يزيد: من أين جاء اختلافكما والصوت لمعبد ومنه أخذتماه؟ فقالت هذه: هكذا أخذته. وقالت الأخرى: هكذا أخذته. فقال يزيد: قد اختلفتما ومعبد حي بعد. فكتب إلى عامله بالمدينة يأمره بحمله إليه، فلما دخل معبد إليه لم يسأله عن الصوت، ولكنه أمره أن يغني، فغناه:
فيا عز إن واش وشى بي عندكم
صفحة غير معروفة