كيفية دعوة أهل الكتاب إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وأما قوله تعالى: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ (١)، فقد بينها اللَّه تعالى أعظم بيان وأكمله وأبلغه.
(أ) فالكلمة التي ألقاها اللَّه إلى مريم هي: (كن)، فكان عيسى بـ «كن»، وليس عيسى هو الكن، ولكن بالكن كان عيسى، فالكن من اللَّه قوله: (كن)، وليس الكن مخلوقًا (٢)، قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ* قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ (٣).
ففي هذا الكلام وجوه تبين أنه مخلوق، وليس كما يقول النصارى، وذلك:
١ - قوله تعالى: ﴿بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ﴾، وهي نكرة في سياق الإثبات يقتضي أنه كلمة من كلمات اللَّه، وليس هو كلامه كله، كما يقول النصارى.
٢ - ومنها أنه بيّن مراده بقوله: ﴿بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ﴾، وأنه مخلوق،
_________
(١) سورة النساء، الآية: ١٧١.
(٢) فتاوى ابن تيمية، ٢٠/ ٤٩٣، ودقائق التفسير، ٣/ ٣١، وتفسير ابن كثير، ١/ ٥٩١.
(٣) سورة آل عمران، الآيات: ٤٥ – ٤٧.
1 / 47