كيفية دعوة عصاة المسلمين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
العقوبة، والسرّ في ذلك – واللَّه أعلم – أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزَّجر اكتُفِيَ به عن الأعلى من العقوبة (١)، وهذا من حكمته ﷺ فقد خوّف وزجر عن التخلُّف عن صلاة الجماعة بهذا الوعيد والهمّ بالتَّعذيب، فللداعية الحكيم القادر أن يستخدم التَّخويف بالعقوبة الجائزة شرعًا، أما التَّعذيب بالنار فقد نسخ (٢).
ولابد في التهديد والوعيد بالعقوبة من مراعاة الشروط والضوابط الشرعية، والأصول التي دل عليها كتاب اللَّه وسنة رسوله ﷺ.
وهذه الشروط والضوابط والأصول تجعل الداعية في سلامة من الزلل، فلا ينكر منكرًا ويقع ما هو أنكر منه، ولا يسعى في جلب مصلحة ويفوّت ما هو أعظم منها؛ فإن من أعظم الحكم في الدعوة إلى اللَّه دفع المفاسد وجلب المصالح، فإن تعارضت المصالح والمفاسد دُفعت أعظم المفسدتين أو الضررين باحتمال أيسرهما، وجُلبت أعظم المصلحتين بترك أيسرهما (٣).
_________
(١) انظر: فتح الباري، ٢/ ١٣٠.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٢/ ١٣٠، قال ﷺ: >إن النار لا يعذب بها إلا الله< البخاري مع الفتح، ٦/ ١٤٩.
(٣) انظر: فتح الباري، ١/ ٣٢٥، وشرح النووي، ٣/ ١٩١، وإعلام الموقعين لابن القيم، ٣/ ١٥ - ١٧.
1 / 49