وبينما الجيوش الثلاثة على وشك خوض الحرب والاقتتال، يظهر جاندالف ويحذرهم من أن جيشا ضخما من الجوبلن، والوارج، والذئاب، والخفافيش المصاصة الدماء على وشك الهجوم. كان الجوبلن غاضبين لموت الجوبلن الأكبر، ولكنهم مهتمون كل الاهتمام بالكنز وغزو الشمال؛ فتقرر جيوش البشر والأقزام والجن أن جاندالف على حق، فينحون خلافاتهم جانبا ويوحدون القوات. وحين تبدأ الأمور في أخذ منحى سيئ، ينقض جيش النسور الضخمة لإنقاذ الموقف، ومعهم بيورن المتحول، وبمجرد الفوز بالمعركة، يبدي الجميع مشاعر الود والتعاون ويقومون بتقسيم الكنز. لا يوجد شيء مثل عدو مشترك لحل أي نزاع.
هل كان لهذه المعركة ما يبررها؟ لنستعرض معا ما قاله الفلاسفة عن أخلاقيات الحرب لنرى إن كانت هذه الحرب ذات قيمة بالغة بحق؟ (1) الحرب! بم تفيد؟
يذهب دعاة السلام إلى أن الحرب غير مقبولة تحت أي ظروف؛ فحياة الإنسان غالية في حد ذاتها، وفي الحرب تسلب حياة البشر عمدا؛ لذا يخلصون إلى أن الحرب لا يمكن أبدا أن يكون لها ما يبررها. وغالبا ما يشير دعاة السلام إلى عدد الأبرياء الذين يقتلون في الحرب - سواء دون قصد أو غير ذلك - لتعضيد رأيهم، ويشيرون كذلك إلى أن المقاتلين في الحرب غالبا ما يكونون أشخاصا أبرياء. ففي النهاية، عادة ما يرغم المقاتلون على القتال من قبل حكوماتهم، وكانوا سيفضلون البقاء في الوطن مع أسرهم. وأخيرا يذهب دعاة السلام إلى أن العنف لا يمكن أبدا أن يحل أي شيء؛ فالحرب دائما ما تضر أكثر مما تفيد، وحتى على الرغم من أن الحرب قد تبدو أنها تحل مشكلات، فهي تخلق دائما مشكلات أكبر.
5
ولكن المعارضين لدعاة السلام لديهم إجابات معقولة؛ فهم يقولون إن حياة الإنسان غالية، ولكن ألا يعني هذا أن المرء لديه مبرره في الدفاع عنها؟ إذا كان بإمكانك أن توقف قتل الآلاف من الأبرياء في روهان ببساطة عن طريق قتل سارومان، أفلا ينبغي أن تفعل؟! وإذا لم تفعل، ألست بذلك تحط من قيمة الحياة الإنسانية؟! قد يقتل أبرياء في الحرب، ولكن أليس قتل بعض الأبرياء أفضل من ترك آلاف الأبرياء، أو شعب كامل، يقتلون؟!
ويذهب دعاة السلام إلى أنه ليس واضحا أن العنف لا يحل أي شيء «مطلقا»؛ فملايين الناس لقوا حتفهم في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، ولكن لو لم يكن الحلفاء قد قاتلوا وانتصروا، لربما غزا هتلر معظم العالم وأفنى اليهود. ألم تكن هزيمة الفاشية ووقف الهولوكوست يستحق ذلك؟! وعلى الرغم من أن العديد من مقاتلي العدو أبرياء من حيث إنهم أرغموا على القتال من قبل حكوماتهم، فإنهم يحاولون قتل شخص آخر. أليس للمرء حق في الدفاع عن نفسه؟! إذا ما تعرضت دولة مسالمة لغزو، أفلا يكون لها حق في الدفاع عن نفسها؟! وألن يكون مقبولا أن تهب الدول الأخرى لمساعدتها بإجبار الغزاة على التراجع؟
قادت مثل هذه الاعتبارات الفلاسفة القدامى والمفكرين المسيحيين الأوائل لوضع نظرية الحرب العادلة، التي تضع الشروط التي يمكن في ظلها أن تكون الحرب مبررة أخلاقيا. ثمة جانبان لنظرية الحرب العادلة؛
6
الأول: «حق خوض الحرب»، وينص على الظروف التي بموجبها تكون الحرب مبررة. والثاني: هو «الإدارة الصحيحة» خلال الحرب، وينص على الوسائل التي يمكن بها أن تخاض الحرب على النحو الذي يجعلها عادلة.
حاول القديس أوجستين (354-430) التوفيق بين الحرب وتعاليم المسيح الداعية للسلم، وطورت حججه لاحقا على يد توما الأكويني (1225-1274)، وطورت مرة أخرى على يد فلاسفة وعلماء لاهوت أحدث. وعلى الرغم من وجود صور مختلفة من نظرية الحرب العادلة، فإن هناك عناصر مشتركة عديدة بين التأويلات المتعددة.
صفحة غير معروفة