6
كم من أضرار اجتماعية تتأتى من دوافع البشر الجشعة، حتى إن الفلاسفة اليوتوبيين - بدءا من أفلاطون مرورا بالقديس توماس مور وصولا إلى كارل ماركس (1818-1883) - قد طرحوا المجتمعات الاشتراكية الراديكالية باعتبارها العلاج الوحيد الممكن. ثمة مفكرون آخرون، مثل الفيلسوف اليوناني الكلبي ديوجينيس (حوالي 412-323ق.م)، والفيلسوف الصيني لاو تزو (القرن السادس قبل الميلاد)، والفيلسوف الطبيعي هنري ديفيد ثورو (1817-1862)؛ استنكروا بحدة جمع المال، وأوصوا بدلا منه بحياة من البساطة والاعتماد على النفس تتناغم مع الطبيعة. وقد كان بيورن ذاته أغلب الظن سيتفق في الرأي مع ملحوظة ثورو الشهيرة عن أن «الإنسان ثري بالتناسب مع عدد الأشياء التي يمكنه الاستغناء عنها.»
7
وكان على الأرجح أيضا سيعجبه شعار لاو تزو الذي يقول: «الثري هو من ينعم بالرضا والقناعة.»
8
وتعد فكرة أن الطمع يمكن أن يفضي إلى الصراع والحرب؛ فكرة محورية في رواية «الهوبيت»؛ فنجد أن سعي ثورين النهم وراء كنز التنين ورفضه المتعنت لاقتسام أي جزء منه مع الأطراف الأخرى المستحقة له كاد يؤدي إلى معركة عنيفة ثلاثية الاتجاه بين الأقزام، والجن، ورجال البحيرة. ولا يتم تفادي هذه المعركة إلا بسبب الهجوم الذي تتعرض له الفرق الثلاث المتناحرة من جانب الجوبلن، الذين كانوا هم أيضا مدفوعين جزئيا برغبتهم في الكنز.
9
ولا يعود ثورين إلى صوابه إلا عندما يرقد محتضرا ليدرك أن «العالم سيكون أكثر بهجة» لو فضل المزيد منا المتع البسيطة على الجواهر المتلألئة.
وإلى جانب ما يؤدي إليه الطمع من حرب، وجريمة، وعنف، فإنه يمكن أن يفسد العلاقات الإنسانية بطرق لا حصر لها. فكما يشير الكاتب صاحب أفضل الكتب بيعا هارولد كوشنر، قد يعزلنا الطمع عن الآخرين من خلال خلق تركيز أناني بل استحواذي أيضا على رغباتنا؛ عوضا عن احتياجات الآخرين.
10
صفحة غير معروفة