إذا تأملناه بشكل مفصل ومدروس، فسنرى السخافة المطلقة للرجل المتفاخر غير الصالح. ومرة أخرى لن يكون مستحقا للعزة والشرف لو كان شريرا؛ لأن العزة هي جزاء الفضيلة، وهي تئول للأخيار الصالحين. وهكذا يبدو الفخر أقرب لتاج يكلل الفضائل؛ إذ إنه يجعلها أعظم، ولا يكون له وجود دونها؛ لذلك من الصعب أن تكون متفاخرا بحق؛ لأن ذلك يكون مستحيلا من دون نبل الخلق وصلاحه.
19
عادة كان أرسطو يصف الفضيلة الأخلاقية باعتبارها نوعا من القيم المتوسطة بين قيمتين قصويين، حيث الطريق المعتدل، أو المتوسط، هو الفضيلة، بينما «الأكثر من اللازم» و«الأقل من اللازم» هما الرذيلتان المتناقضتان. في حالة الفخر، ثمة رذيلة واحدة تتخلل التفكير في إعطاء المرء نفسه تقديرا أعلى بكثير مما يستحق في الواقع؛ وقد أطلق أرسطو عليها «الصلف» أو «الحماقة». أما الرذيلة المضادة، فهي تقدير الذات بأقل مما تستحق، والتي يطلق عليها في ترجمة روس «التواضع المفرط».
أطلقت ترجمة مارتن أوستوالد لكتاب «الأخلاقيات النيقوماخوسية» على الفضيلة موضع النقاش «النبل» عوضا عن «الفخر»، بينما تطلق على الرذائل الموازية «الغطرسة» (أي تقدير النفس بأكثر مما يستحق المرء)، و«التصاغر» (أي تقدير النفس بأقل مما يستحق المرء). ويدافع أوستوالد في إحدى الحواشي عن استخدامه لكلمة «سمو» بدلا من الاختيار الشائع الآخر «نخوة»؛ لأن الكلمة الأخيرة لها معنى ضيق في اللغة الإنجليزية المعاصرة. ويشير إلى أن مصطلح أرسطو اليوناني
megalopsychia
يعني حرفيا «عظمة الروح»، وأن أرسطو قد استخدمه، مثلما رأينا، لوصف تاج من نوع ما يكلل الفضيلة المثالية.
20
كان أرسطو مقتنعا بأنه إذا كان شخص ما، في الواقع، يتسم بالفضيلة على نحو مثالي، فمن الملائم أن «نعتقد» أن هذا الشخص جدير بالعزة والشرف. وعلى الرغم مما قد يبدو من أن أرسطو كان يوصي بشيء قريب إلى الغرور لمن يتسمون بالنبل بحق، فقد كان سيصر على أنه «ما من عزة يمكن أن تكون جديرة بالفضيلة المثالية»؛ لذا من المستحيل لشخص صالح حقا (إذا كان له وجود) أن يبالغ في تقدير العزة المستحقة له.
21
ومع الاحترام للأشياء الخارجية من المتعة والثروة وما إلى ذلك، يتخذ الرجل ذو الروح العظيمة لدى أرسطو موقفا معتدلا تجاه هذه الأشياء؛ نظرا لقدرته على الاستمتاع بها، وقدرته في ذات الوقت أيضا على الاستغناء عنها. (3) الاعتذار وغذاء الروح
صفحة غير معروفة