تاريخ النقد الأدبي عند العرب
الناشر
دار الثقافة
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٩٨٣
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
الأساس في قسمة الشعراء إلى طبقات
ولابد لمن يطالع هذه القسمة من أن يتساءل: على أي الأسس أقام ابن سلام هذا التمييز والتدريج؟ يبدو أن " الفحولة " هي الأساس الأول في ذلك، فكل من ذكرهم في كتابه شعراء فحول، صرح بذلك لدى ذكره شعراء الجاهلية " فأقصرنا من الفحول المشهورين على أربعين شاعرًا " ولم يصرح به عندما ذكر طبقات الإسلاميين، لكنه قد يستنتج من طبيعة عمله في الكتاب. وهنا يتجلى لنا كيف أن ابن سلام وسع من حدود فكرة الأصمعي وأعاد صياغتها، فقد كان الأصمعي يقسم الشعراء إلى فحول وغير فحول، فجاء ابن سلام وقال: هم فحول إلا أن الفحولة تتفاوت - كان الأصمعي لا يعد الأعشى وكعببن زهير في الفحول، فجاء ابن سلام ووضع الأعشى في الطبقة الأولى من فحول الجاهلية وكعبًا في الثانية، وكان الأصمعي يقول في الأسود بن يعفر أنه يشبه الفحول، ولكن ابن سلام يقول: " وكان الأسود شاعرًا فحلًا؟ " (١) .
أما الأساس الثاني فهو تقارب كل أصحاب طبقة في أشعارهم: " فألفنا من تشابه شعره منهم إلى نظرائه "، وهذه قاعدة هامة، ولكنا اليوم إذا احتكما إلى مقاييسنا النقدية لم نجد بين شعر الأعشى وشعر زهير أو النابغة شبهًا كبيرًا، وترددنا في ان نضع أبا ذؤيب الهذلي مع النابغة الجعدي في طبقة واحدة، كما فعل ابن سلام، للتباين بين الشاعرين وأشعارهما. وأحيانًا يكون هذا التشابه الذي اعتمده ابن سلام تشابههًا في الموضوع كأنه يجمع أصحاب المراثي في طبقة واحدة، وان يضع ابن قيس الروقيات والاحوص وجميل بثينة ونصيبًا معًا لأنه يشتركون في الغزل، وان يجمع بين الرجاز في فئة. لك وجه من التشابه محتمل، كما أن حشد شعراء كل قرية ينظر إلى صلتهم ببيئة واحدة ولك مقياس لا ضرر منه، وجمع شعراء جنس
(١) الطبقات: ١٢٣.
1 / 80