59

تاريخ النقد الأدبي عند العرب

الناشر

دار الثقافة

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٩٨٣

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

تهربوا من عجزهم عن الخوض في ذلك الشعر إلى الطعن عليه، وحسبك أن تجد عالمًا ناقدًا مثل ثعلب في هذا القرن يقول لبني نيبخت: " أنا أعاشر الكتاب كثيرًا وخاصة أبا العباس ابن ثوابة واكثر ما يجري في مجالسهم شعر أبي تمام ولست أعلمه فاختاروا لي منه شيئًا "، وكان ينشد البيت من شعره ويقول ما أراد بهذا؟ فيشرح له (١) . ولذلك رأى بعض المشتغلين بالشعر ممن لا يقفون موقف العداء من الشعر المحدث أن يبرزوه للناس بعمل مختارات منه، فكانت من ذلك كتب الاختيار التي ظهرت في ذلك القرن، وهي كتب لا تقوم على أسس نقدية صريحة، بل تعتمد على ذوق صاحبها، وذوقه يرتد إلى " مسبقات " ضمنية توجهه في أخذ ما يثبته وترك ما ينفيه، وليس لدينا من هذه الكتب ما يمكننا من استنباط طبيعتها العامة او طرق أصحابها، فمن ذلك كتاب " البارع " وهو اختيار شعر المحدثين لأبي عبد الله هارون بن علي. وكتاب اختيار الشعراء الكبير له أيضًا وقد أتم منه شعر بشار وأبي العتاهية وأبي نواس (٢) . ولأحمد بن أبي طاهر طيفور عدد من كتب الاختيار منها: شعر بكر بن النطاح، ودعبل، ومسلم، والعتابي، ومنصور النمري، وأبي العتاهية، وبشار وغيرهم (٣) وللمبرد كتاب " الروضة " أختار فيه شعر المحدثين. وسيتسع باب الاختيار أيضًا على سبيل الاحتذاء أو رغبة في تقريب الفائدة، ولكن دواعيه في القرن الثالث متصلة اتصالا وثيقًا بالحركة النقدية.

(١) المصدر نفسه: ١٥ - ١٦. (٢) الفهرست: ١٤٤. (٣) الفهرست: ١٤٦ - ١٤٧.

1 / 71