تاريخ الإسلام - ت تدمري
محقق
عمر عبد السلام التدمري
الناشر
دار الكتاب العربي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
فِي هَذَا الرَّجُلِ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَرَى أَنْ تَحْبِسُوهُ، فَقَالَ النَّجْدِيُّ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَيَخْرُجَنَّ رَأْيُهُ وَحَدِيثُهُ إِلَى مَنْ وَرَاءِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَوْشَكَ أَنْ يَنْتَزِعُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ يَغْلِبُوكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: بَلْ نُخْرِجُهُ فَنَنْفِيهِ، فَإِذَا غَيَّبَ عَنَّا وَجْهَهُ وَحَدِيثَهُ مَا نُبَالِي أَيْنَ وَقَعَ، قَالَ النَّجْدِيُّ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، أَمَا رَأَيْتُمْ حَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ، وَحُسْنَ حَدِيثِهِ، وَغَلَبَتَهُ عَلَى مَنْ يَلْقَاهُ، وَلَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَيَدْخُلُ عَلَى قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَأَصْفَقَتْ [١] مَعَهُ عَلَى رَأْيِهِ، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَيْكُمْ حَتَّى يَطَأَكُمْ بِهِمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي فِيهِ رَأْيًا، مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ:
أَرَى أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ غُلَامًا جَلْدًا نَهْدًا نَسِيبًا وَسِيطًا، ثُمَّ تُعْطُوهُ شِفَارًا صَارِمَةً، فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمُوهُ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ، فَلَمْ تَدْرِ عَبْدُ مناف بعد ذلك ما تصنع، ولم يقروا عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ أن يأخذوا العقل فتدونه لهم، قتل النَّجْدِيُّ:
للَّه دَرُّ هَذَا الْفَتَى، هَذَا الرَّأْيُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاجْتَمَعُوا لَهُ، وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْخَبَرُ وَأُمِرَ أَنْ لَا يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَبِتْ مَوْضِعَهُ، بَلْ بَيَّتَ عَلِيًّا فِي مَضْجَعِهِ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ أَبِيهِ [٢] .
ثنا ابن إسحاق [٣]، عن عبد الله بن أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(ح) [٤] . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ بَاذَامَ مولى أمّ
[١] أي اجتمعت.
[٢] سيرة ابن هشام ٢/ ٢٢١- ٢٢٢، تاريخ الطبري ٢/ ٣٧١- ٣٧٣، طبقات ابن سعد ١/ ٢٢٧، نهاية الأرب ١٦/ ٣٢٧- ٣٢٨، عيون الأثر ١/ ١٧٨- ١٧٩.
[٣] سيرة ابن هشام ٢/ ٢٢١.
[٤] رمز بمعنى تحويلة للسند.
1 / 317