186

تاريخ الإسلام - ت تدمري

محقق

عمر عبد السلام التدمري

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

مكان النشر

بيروت

تصانيف

جَارٍ النَّجَاشِيَّ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى، لَا نُؤْذَى، وَلَا نَسْمَعُ مَا نَكْرَهُ [١]، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ، فَبَعَثُوا بِالْهَدَايَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، وَسَتَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، رَوَاهَا جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْمَبْعَثِ.
وَقَالَ حُدَيْجُ [٢] بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَنَحْنُ ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَمَعَنَا جَعْفَرٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَارَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَبَعَثُوا مَعَهُمَا بِهَدِيَّةٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهِ سَجَدَا لَهُ، وَبَعَثَا إِلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ، وَقَالَا: إِنَّ نَاسًا مِنْ قَوْمِنَا رَغِبُوا عَنْ دِينِنَا، وَقَدْ نَزَلُوا أَرْضَكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَنَا جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ، قَالَ: فَاتَّبَعُوهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَلَمْ يَسْجُدُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا لَكُمْ لَمْ تَسْجُدُوا لِلْمَلِكِ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا نَبِيَّهُ، فَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْجُدَ إِلَّا للَّه، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ عَمْرٌو: إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى، قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ قَالَ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ، هُوَ رَوْحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ، وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ، فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ، مَا تَزِيدُونَ عَلَى مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ مَا يَزِنُ هَذَا، فَمَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي عِنْدَهُ فَأَحْمِلَ نَعْلَيْهِ- أَوْ قَالَ أَخْدُمَهُ- فانزلوا حيث شئتم من أرضي، فجاء

[١] في السيرة ٢/ ٨٧، وطبقات ابن سعد ١/ ٢٠٤ «نكرهه» .
[٢] حديج: بالحاء المهملة المضمومة، وفتح الدال المهملة، وفي (ع) وما سيأتي «جريج» وهو تصحيف.

1 / 191