تاريخ الإسلام - ت تدمري
محقق
عمر عبد السلام التدمري
الناشر
دار الكتاب العربي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ٢٢: ٥٢ [١] الْآيَاتِ. فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ قَضَاءَهُ وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ انْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالَتِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ.
وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابُهُ، فِيمَنْ رَجَعَ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ إِلَّا بِجِوَارٍ، فَأَجَارَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، فَلَمَّا رَأَى عُثْمَانُ مَا يَلْقَى أَصْحَابُهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَعَذَّبَ [٢] طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالسِّيَاطِ وَالنَّارِ، وَعُثْمَانُ مُعَافًى لَا يُعْرَضُ لَهُ، اسْتَحَبَّ الْبَلَاءَ، فَقَالَ لِلْوَلِيدِ: يَا عَمُّ قَدْ أَجَرْتَنِي، وَأُحِبُّ أَنْ تُخْرِجَنِي إلى عشيرتك فتبرأ منّي، فقال: يا بن أَخِي لَعَلَّ أَحَدًا آذَاكَ أَوْ شَتَمَكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا اعْتَرَضَ لِي أَحَدٌ وَلَا آذَانِي، فَلَمَّا أَبَى إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُرَيْشٌ فِيهِ، كَأَحْفَلِ مَا كَانُوا، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الشَّاعِرُ يُنْشِدُهُمْ، فَأَخَذَ الْوَلِيدُ بِيَدِ عُثْمَانَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ حَمَلَنِي عَلَى أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنْ جِوَارِهِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: صَدَقَ، أَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهْتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مِنِّي بَرِيءٌ، ثُمَّ جَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ فَنَالُوا مِنْهُ [٣] .
قَالَ مُوسَى: وَخَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ [٤] فِرَارًا بِدِينِهِمْ إِلَى الْحَبَشَةِ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَمَرُوهُمَا أَنْ يُسْرِعَا [٥] فَفَعَلَا، وَأَهْدَوْا لِلنَّجَاشِيِّ فَرَسًا وَجُبَّةَ دِيبَاجٍ، وَأَهْدَوْا العظماء الْحَبَشَةِ هَدَايَا، فَقَبِلَ النَّجَاشِيُّ هَدِيَّتَهُمْ، وَأَجْلَسَ عَمْرًا عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَالَ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رِجَالًا مِنَّا سُفَهَاءَ لَيْسُوا [٦] عَلَى دِينِكَ وَلَا دِينِنَا، فَادْفَعْهُمْ
[١] سورة الحج، الآية ٥٢.
[٢] في المنتقى لابن الملّا (وتعذيب) .
[٣] دلائل النبوّة للبيهقي ٢/ ٦٢.
[٤] (وأصحابه) ساقطة من الأصل. وانظر الخبر بصيغة أخرى في السير والمغازي ١٧٨، ١٧٩، وتاريخ الطبري ٢/ ٣٣٨- ٣٤١، والمغازي لعروة ١٠٦- ١٠٩.
[٥] في المنتقى لابن الملا (يسيرا) .
[٦] كذا في المنتقى لابن الملا. وفي الأصل (ليس) .
1 / 188