223

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

الناشر

دار الثقافة

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

إلى هذا النوع عندنا " (١) ولست استبعد أن يكون صاحب العقد قد شارك بعض المشاركة في الموشح لآن هذا اللون الجديد التقى مع رغبته في إظهار البراعة العروضية، وكان هذا حسبه منه، إذ كان في غنى عن أن يتكسب به.
وبعد هذين جاء الرمادي، ومن غريب ان كلمة " رمادي " تؤكد الدور الذي تخيلناه للقبري الأعمى، من التجوال وما يلحق به من تعرض للمدح على طريقة القوالين. وقد وردت هذه اللفظة في دار الطراز حيث قال ابن سناء الملك ان الشرط في الخرجة: " أن يكون لفظها رماديا زطيا "، أي بوهيميا. وللرمادي؟ فيما يبدو - دور خطير في تطور الموشحات إذ " كان أول من أكثر فيها من التضمين في المراكيز، يضمن كل موقف يقف عليه في المركز خاصة " وقد قلت ان التضمين هو التغصين، اما المراكيز فهي الأقفال، والدليل على كونها كذلك قول ابن خاتمة في وصف موشحة للقزاز: " ومن أظرف ما وقع له في خلالها من حسن الالتئام وسهولة النظام ما يندر وجود في منثور الكلام وذلك في أحد مراكزها " (٢)، ثم أورد قطعة مؤلفة من غصن وقفل ليدل على المركز. ثم جاء عباد ابن ماء السماء فأحدث تطورا آخر. ويمكن ان نلخص الخطوات الثلاث التي سار فيها الموشح كما يلي:
أ - كان الموشح في بداية أشطارا كالقصيدة، إلا انه من مهمل الأعاريض ويفترق عن الشعر في أن له قفلا ختاميا يسمى المركز ويكون عاميا أو أعجميا، وهذا هو ما فعله القبري، وربما ابن

(١) الذخيرة ١⁄٢: ١ - ٢.
(٢) أزهار الرياض ٢: ٢٥٤.

1 / 229