165

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

محقق

محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية

الناشر

دار صادر

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

مكان النشر

بيروت

أشياخ الوقت، ولازم السيد البليدي، وصار معيدًا لدروسه بالأزهر والأشرفية، وانتفع بملازمته له انتفاعًا كليًان وانتسب إليه وأجازه إجازة مطولة بخطه، ونوه بشأنه، فلما توفي شيخه المذكور تصدر لإقراء الحديث مكانه بالمشهد الحسيني، واجتمع عليه الناس وحضر من كان ملازمًا لحضور شيخه من تجار المغاربة وغيرهم، واعتقدوا صلاحه، وتحبب إليهم وواسوه بالصلات والزكوات والنذور، وواظب الإقراء بالأزهر أيضًا، وزيارة مشاهد الأولياء وإحياء لياليها بقراءة القرآن والذكر، ويقوم دائمًا من الثلث الأخير من الليل ويذهب إلى المشهد الحسيني ويصلي الصبح بغلس في جماعة، وزاد اعتقاد الناس فيه واتسعت دنياه مع المداومة على استجلابها وإمساكها، وبآخره اشترى دارًا عظيمة بحارة كتامة، المعروفة الآن بالعينية بالقرب من الأزهر، وانتقل إليها وسكنها. وكان يخرج لزيارة قبور المجاورين في كل يوم جمعة قبل الشمس، فقصدته العرب قطاع الطريق، فأراد الهروب وكان جسيمًا فسقط من على بغلته فانكسر زره وحمل إلى داره وعالج نفسه شهورًا، حتى عوفي قليلًا ولم يزل تعاوده الأمراض حتى توفي رحمه الله تعالى سنة سبع ومائتين وألف. الشيخ أحمد بن سالم النفراوي المالكي المصري الإمام المفضل، والهمام المبجل، نشأ في حجر والده في رفاهية، ونعمة وافية، ورياسة وكمال، ورفعة وجمال، حافظًا أوقاته بالاجتهاد في الطلب، متمسكًا للوصول إلى المعالي بأقوى سبب، إلى أن جاءته الأماني ملقية إليه مقاليدها، ومنيلة له طريقها وتليدها، ولما مات ولده المرقوم تعصب له الشيخ عبد الله الشبراوي حتى وجه عليه سائر وظائف والده وتعلقاته، وأجلسه للدرس في مكان أبيه وأمر جماعة أبيه بالحضور عليه، وكان الشيخ علي الصعيدي من أكبر طلبة أبيه فتطلع للجلوس في محله، وكان

1 / 170