105

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

محقق

محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية

الناشر

دار صادر

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

مكان النشر

بيروت

الأمور، وبذلك يصلح حال الأمة كلها، وسابقًا كان في الأراضي المصرية المدن العظيمة والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر، وما أزال ذلك كله إلا الظلم والطمع من المماليك. أيها المشايخ والقضاة والأئمة وأعيان البلد، قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون، ومع ذلك فالفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني، وأعداء أعدائه أدام الله ملكه، ومع ذلك إن المماليك امتنعوا من إطاعة السلطان غير ممتثلين لأمره فما أطاعوا أصلًا إلا لطمع أنفسهم، طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير، فيصلح حالهم وتعلو مراتبهم، طوبى أيضًا للذين يقعدون في مساكنهم غير ماثلين لأحد الفريقين المتحاربين، فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب، لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا، فلا يجدون بعد ذلك طريقًا إلى الخلاص ولا يبقى منهم أثر، وإن جميع القرى الواقعة في دائرة قريبة بثلاث ساعات عن المواضع التي يمر بها عسكر الفرنساوية، فواجب عليها أن ترسل للسر عسكر من عندها وكلاء كيما يعرف المشار إليه أنهم أطاعوا، وأنهم نصبوا علم الفرنساوية الذي هو أبيض وأكحل وأحمر، وأن كل قرية تقوم على العسكر الفرنساوي تحرق بالنار، وأن كل قرية تطيع العسكر الفرنساوي أيضًا تنصب صناجق السلطان العثمان محبنا دام بقاؤه، والواجب على المشايخ والعلماء والقضاة والأئمة أنهم يلازمون وظائفهم، وعلى كل أحد من أهالي البلدان أن يبقى في مسكنه مطمئنًا، وتكون الصلاة تامة في الجوامع على العادة، والمصريون بأجمعهم ينبغي أن يشكروا الله تعالى على انقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عال أدام الله إجلال السلطان العثماني، أدام الله جلال العسكر الفرنساوي، لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية، وعلى المشايخ في كل بلد يختموا حالًا على جميع الأرزاق والبيوت والأملاك التي للمماليك، وعليهم الاجتهاد التام أن لا يضيعوا أدنى شيء منها.

1 / 107