ثم قال بعضهم لبعض: تعالوا نحتال (1) فنقتله، فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت لعلنا نصادفه ممن يمحو، فهموا بذلك، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى نمتحنه ونجربه بأفعاله، فإن الحلية قد توافق الحلية، والصورة قد تشاكل الصورة، وإنما وجدناه في كتبنا أن محمدا صلى الله عليه وآله يجنبه ربه من الحرام، والشبهات، فصادفوه وألقوه وادعوه إلى دعوة وقدموا إليه الحرام والشبهة، فإن انبسط فيهما أو في أحدهما فأكله، فاعلموا أنه غير من تظنون، وإنما الحلية وافقت الحلية، والصورة قد ساوت الصورة، وإن لم يكن الامر كذلك ولم يأكل منهما، فاعلموا أنه هو، فاحتالوا له في تطهير الأرض منه لتسلم لليهود دولتهم.
فجاؤوا إلى أبي طالب عليه السلام فصادفوه ودعوه إلى دعوة لهم فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله قدموا إليه وإلى أبي طالب والملا من قريش دجاجة مسمنة كانوا قد وقذوها (2) وشووها، فجعل أبو طالب عليه السلام وساير قريش يأكلون منها، ورسول الله صلى الله عليه وآله يمد يده نحوها فيعدل بها يمنة ويسرة، ثم أماما، ثم خلفا، ثم فوقا، ثم تحتا، لا تصيبها يده فقالوا مالك لا تأكل منها؟
فقال: يا معاشر اليهود قد جهدت أن أتناول منها، وهذه يدي يعدل بها عنها وما أراها إلا حراما يصونني ربي عنها، فقالوا: ما هي إلا حلال فدعنا نلقمك منها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فافعلوا إن قدرتم فذهبوا ليأخذوا منها ويطعموه فكانت أيديهم يعدل بها عنها إلى الجهات، كما كانت يد رسول الله صلى الله عليه وآله تعدل عنها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله فهذه قد منعت منها، فأتوني بغيرها إن كانت لكم، فجاؤوه بدجاجة أخرى، مسمنة، مشوية قد أخذوها لجار لهم
صفحة ٦٠