الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
1981 م
الباب الثالث في الكيفيات المبصرة وفيه فصول فصل [23] في اثبات الألوان ذهب بعض الناس إلى أن لا حقيقة لللون أصلا بل جميع الألوان من باب الخيالات كما في قوس قزح والهالة غيرهما فان البياض انما يتخيل من مخالطه الهواء للأجسام الشفافة المتصغرة جدا لكثرة السطوح المتعاكسة عنها النور بعضها من بعض كما في الثلج فإنه لا سبب هناك الا مخالطه الهواء ونفوذ الضوء في اجزاء صغار جمدية وكثرة انعكاساته وكما في زبد الماء والمسحوق من البلور والزجاج الصافي واما السواد فمن عدم غور الضوء في الجسم لكثافته واندماج اجزائه.
والحاصل ان البياض هو راجع إلى النور والسواد إلى الظلمة وباقي الألوان متخيلة من تفاوت اختلاط الشفيف بالهواء وربما يسند السواد إلى الماء نظرا إلى أنه يخرج الهواء فلا يكمل نفوذ الضوء إلى السطوح ولأجل هذا يميل الثوب المبلول إلى السواد والمحققون على أنها كيفيات متحققه لا متخيلة وان كانت متخيلة في بعض المواضع أيضا وظهورها في الصورة المذكورة بتلك الأسباب لا ينافي تحققها وحدوثها بأسباب أخرى التي هي باستحالات المواد.
واعلم أن الشيخ ذكر في فصل توابع المزاج من ثانيه الفن الرابع من الطبيعيات انه لم يعلم أنه هل يحصل البياض بغير هذا الطريق المذكور أم لا ولكن في المقالة الثالثة من علم النفس قد قطع بوجود ذلك فقال إنه لا شك في أن اختلاط الهواء بالمشف سبب لظهور اللون ولكنا ندعي ان البياض قد يحدث من غير هذا
صفحة ٨٥