إني رأيت وفي الأيام تجربة
للصبر عاقبة محمودة الأثر
فقال الزاهد: لقد علمتني يا أستاذي ما لم أكن أعلم، فأنا أختار الصبر والحلم؛ لأن عاقبتهما أفضل وأسلم، فقال له: الحمد لله، يا ولدي، على أنك اهتديت وما غويت. واعلم أن الحكيم الصابر كالبحر الزاخر لا يسبر غوره، ولا يبلغ قعره، أما من كان الغضب أقرب إليه من حبل الوريد، فكالغدير الصغير يبلغ قراره في طرفة عين، وينزح ماؤه باليدين. واعلم يا ولدي، أن العفو شيمة الكرام، وهو حلية القلوب الطاهرة، وجلاء يجلي النفوس، وخير للمرء أن يعتاد الذل قبل أن يرغم عليه؛ فهو من التراب، وهو لا ريب عائد إليه:
عجبت للإنسان في فخره
وهو غدا في قبره يقبر
ما بال من أوله نطفة
وجيفة آخره يفخر
من تواضع لله رفعه
تواضع إذا ما نلت في الناس رفعة
فإن رفيع القوم من يتواضع
صفحة غير معروفة