فنظرا لغياب وافتقاد مثل هذا المنهج التاريخي، خاصة من جانب الدارسين العرب في حقل فولكلورنا، ونظرا لما يتطلبه هذا من إلمام كاف بالشفاهيات ثم بالمدونات الحفرية لروافد الحضارات السامية المتتابعة التوالي الزمني التاريخي، والتي لا ينقطع لها المجيء بالاكتشافات النصية الجديدة في معظم أرجاء الوطن العربي، الذي شهد مولد الحضارات الأولى، خاصة فيما بين الرافدين.
نظرا لغياب مثل هذا المنهج، تتعثر محاولاتنا الدراسية في مجمل أنشطة وحقول الفولكلور العربي المترامية، وأخصه الحكاية التي تميزه كواحد من أهم ثلاثة خزانات كبرى كونية.
المعوقات والمناهج العربية المغلوطة
يضاف إلى مشاكل ومعوقات دارس التراث العربي، سواء فيما يتصل بضياع وافتقاد المصادر الأم المدونة، أو تعددها، أو الجدب العام بالنسبة للدراسات النظرية والتطبيقية الميدانية كما وكيفا؛ أي من حيث جزئيات ومكونات وديناميات تركتنا الفولكلورية العربية، ولتوقفنا على مدى ما يعلق بها من رواسب وآثار بربرية عبودية ووحشية همجية، ما تزال تمارس متواترة هائمة بتمامها.
ويلي غياب النظرية العلمية الثورية في التعامل مع هذا التراث مشاكل الإهمال الذي تعانيه الجهود الميدانية لجمع أشلاء هذا التراث، باستثناء بعض الجهود المحلية العربية في العراق وسوريا وتونس والمغرب والأردن.
فمشكلة قلة وندرة المواد الخام - التي تسهم حين طرحها للمقارنة في المزيد من إنارة طريق البحث والاستقصاء - تأخرت كثيرا، على المستوى القومي العربي.
ثم تأتي مشكلة المشاكل المتصلة بالمناهج القاصرة المغلوطة، وما تفرضه من منع وتحريم يصل إلى حد الإرهاب في بعض المجتمعات والكيانات العربية، بالإضافة إلى افتقاد معظم الباحثين في هذا المجال للمنطلقات العلمية البديهية إلا بعد إدراكها من العقل الغيبي، والمتجاوزة للمنتجات الروحية، وتكبيلها المعوق للبحث المنهجي العلمي.
يلي هذه مشاكل المصنف، أو الدارس، ذاته بإزاء مواده؛ نظرا للتداخل الشديد بين جزئياتها من رئيسية وجانبية، وهو ما يعرف بالتزاوج والهجرات الداخلية لأعضاء أو جزئيات الحكايات ، فتصل هذه الهجرات الداخلية إلى حد التداخل بين جزئيات السير والملاحم مع الحكايات بأنواعها، فما أكثر حجم الجزئيات والتضمينات
14
المهاجرة من السير والملاحم والقصص الشعرية الاستطرادية إلى الحكايات والخرافات المحلية، والعكس طبعا أكثر دقة.
صفحة غير معروفة