حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة

ابن قدامة المقدسي ت. 620 هجري
33

حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة

محقق

عبد الله يوسف الجديع

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٩

مكان النشر

الرياض

وَكَيف يجوز أَن يكون أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ اتَّفقُوا على اعْتِقَاد الْخَطَأ والضلال وَالْبَاطِل وأخطأوا الْحق وتبعهم من بعدهمْ على ذَلِك إِلَى أَن جَاءَ هَذَا الْجَاهِل بِزَعْمِهِ فَعرف الصَّوَاب وَعرف خطأ من كَانَ قبله ثمَّ هَذَا إِقْرَار بِأَن مقَالَته بِدعَة حَادِثَة خَالف بهَا أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ وَالتَّابِعِينَ بعدهمْ وَهُوَ الَّذِي يَقُوله عَنْهُم وبدعته فيهم وَإِن زعم أَن أهل عصر النَّبِي ﷺ لم يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ هَذَا وَإِنَّمَا حدث بعدهمْ فَلم يثبت هَذَا الحكم فِي عصرهم وَلم وَجَبت الْكَفَّارَة على الْحَالِف بالورق والحبر وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين أَنه لَا تجب كَفَّارَة بِالْحلف بورق وَلَا حبر وَلَا مَخْلُوق ثمَّ مَتى حدث هَذَا الِاعْتِقَاد وَفِي أَي عصر وَمَا علمنَا الْحَادِث إِلَّا قَوْلهم الْخَبيث الْمُخَالف للْأمة وللكتاب وَالسّنة ثمَّ كَيفَ يحل أَن يوهموا الْعَامَّة مَا يقوى بِهِ اعْتِقَادهم الَّذِي يَزْعمُونَ أَنه بِدعَة من تعظيمهم للمصاحف فِي الظَّاهِر واحترامها عِنْد النَّاس وَرُبمَا قَامُوا عِنْد مجيئها وقبلوها ووضعوها على رؤوسهم ليوهموا النَّاس أَنهم يَعْتَقِدُونَ فِيهَا الْقُرْآن وَرُبمَا امروا من توجبت عَلَيْهِ يَمِين فِي الحكم بِالْحلف بالمصحف إيهاما لَهُ أَن الَّذِي يحلف بِهِ هُوَ الْقُرْآن الْعَظِيم وَالْكتاب الْكَرِيم وَهَذَا عِنْدهم اعْتِقَاد بَاطِل فَكيف يحل لَهُم أَن يتظاهروا بِهِ ويضمرون خِلَافه وَهَذَا هُوَ النِّفَاق فِي عهد رَسُول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الزندقة الْيَوْم وَهُوَ أَن يظْهر مُوَافقَة الْمُسلمين فِي اعْتِقَادهم ويضمر خلاف ذَلِك وَهَذَا حَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَا محَالة فهم زنادقة بِغَيْر شكّ فَإِنَّهُ لَا شكّ فِي أَنهم

1 / 50