وعلى ذلك فلم يكن يصدق أحد هذا القول.
ويذاع كلام أيضا عن أن ما حاق ببيت حواش إنما جاء نتيجة لغضب من الله استحقه باستهتاره وفسوقه وعربدته وأن الداعي والمدعوين هم الذين خربوا دارهم وهم ذاهلون في غيبوبة، ثم تداعوا نياما شبه أموات.
وهذا تفسير يلقى عادة أذنا مصغية في حارتنا، ومثله ما قيل عن دور العفاريت في الأمر نتيجة لنذر نذره حواش ولم يوفه.
وتمر أيام وأعوام فلا يذكر أحد من حارتنا حادث ليلة العيد بدار حواش العداد حتى يبسمل ويحوقل ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
الحكاية رقم «44»
هذه حكاية تروى عن عهد قديم لم أشهده.
كانت الزاوية حديثة البناء وكان إمامها وقتذاك الشيخ أمل المهدي، صعد الشيخ إلى شرفة المئذنة ليؤذن الفجر، فانتبه إلى صوت يصدر عن البيت المواجه للزاوية، مد بصره نحوه فرأى امرأة تفتح النافذة، ورجلا يطبق يده على فيها ليمنعها من الاستغاثة، ثم يجذبها إلى الداخل تحت المصباح الغازي المضيء، ثم ينهال عليها ضربا بشيء في يده حتى تهاوت ساقطة. عرف المرأة كما عرف الرجل، أما المرأة فهي ست سكينة، أرملة صاحب مقلى، وأما الرجل فهو المعلم محمد الزمر صاحب وكالة خشب. تسمر الشيخ أمل المهدي في مكانه متدثرا بالظلام، مرتعد الفرائص من الرعب حتى أغلق المعلم النافذة، وراح يتمتم: لقد قضى على المرأة.
وخانه صوته فلم يستطع أن يؤدي الأذان.
جريمة قتل، ماذا أوجد المعلم في هذه الساعة ببيت الست؟ توجد أكثر من جريمة، ارحمنا يا رب السماوات والأرض!
وهبط السلم الحلزوني بمشقة، ثم جلس على الأرض راكنا إلى المنبر ظهره، وجاء أوائل المصلين فهالهم منظره وسأله بعضهم: لم لم نسمع صوتك يا شيخ أمل؟
صفحة غير معروفة