تتفتح الزهور ثم تذوي،
لكن المسيح الطفل دائما سيبقى.
وهكذا جلس الاثنان هناك وقد صارا شابين، لكن كان قلب كل منهما قلب طفل، وكان الوقت صيفا؛ صيفا دافئا جميلا.
الورود والعصافير
كان يبدو حقا أن شيئا هاما جدا يجري بالقرب من بحيرة البط، لكن لم يكن الأمر كذلك.
قبل هذا بدقائق قليلة، كان كل البط ساكنا في الماء أو واقفا على رأسه - فهو يستطيع أن يفعل ذلك - ثم سبح كله في صخب إلى الشاطئ. كان يمكن رؤية آثار أقدامه على الأرض المبتلة، وسماع صياحه من بعد. أما المياه التي كانت منذ وقت قصير صافية ولامعة كالمرآة فقد صارت في اضطراب شديد.
قبل ذلك بلحظة، كانت كل شجرة وشجيرة بالقرب من الكوخ القديم، بل البيت نفسه بالفجوات التي في سطحه وأعشاش السنونو، والأهم من ذلك كله، الشجيرة الجميلة المغطاة بالورود، كل ذلك كان منعكسا بوضوح في صفحة المياه. غطت شجيرة الورد الجدار وتدلت غصونها فوق المياه، التي كانت مثل اللوحة باستثناء أن كل شيء بدا فيها مقلوبا، لكن حين تحركت المياه اختفى كل شيء، وتلاشت اللوحة.
طفت على سطح الماء ريشتان سقطتا من البط المرفرف، فراحتا تتحركان جيئة وذهابا. وفجأة تحركتا سريعا كأن الرياح أوشكت أن تهب، لكنها لم تهب، فاضطرتا إلى الرقود دون حركة، إذ صارت المياه هادئة وساكنة مرة أخرى، واستطاعت الورود أن ترى صور انعكاسها مرة أخرى. كانت الورود جميلة للغاية، لكنها لم تكن تدرك ذلك، إذ لم يخبرها أحد. سطع ضوء الشمس بين الأوراق الرقيقة، وانتشر الأريج الطيب، حاملا السعادة إلى كل مكان.
قالت إحدى الورود: «كم هي جميلة حياتنا! أشعر برغبة في تقبيل الشمس، فهي ساطعة ودافئة جدا. أود أن أقبل الورود كذلك، وصورنا المعكوسة على المياه، والطيور الجميلة التي هناك في عشها. يوجد طيور أيضا في العش الذي فوقنا؛ إنها تمد رءوسها وتصيح: «صوصو، صوصو» بصوت خافت جدا ، إذ لم ينبت لها ريش بعد مثل الذي لدى أبيها وأمها. يسكن أعلانا وأسفلنا جيران طيبون. كم هي طيبة حياتنا!»
الطيور الصغيرة الموجودة فوق الورود وتلك الموجودة تحتها كانت من النوع نفسه؛ فقد كانت عصافير دورية انعكست صورة عشها في المياه. كان والداهما من العصافير أيضا، وقد استحوذا على عش خال لأحد طيور السنونو من العام الماضي، وسكنا فيه كأنه عشهما.
صفحة غير معروفة