وبعد قطع الفروع، بدت الجذوع نحيلة وعارية للغاية، حتى إنه صار من الصعب التعرف عليها. ووضعت على عربات، الواحدة فوق الأخرى، وجرتها الخيول لتخرج بها من الغابة. إلى أين كان يمكن أن تذهب؟ وماذا سيحل بها؟ تاقت شجرة التنوب الصغيرة بشدة إلى أن تعرف.
لذا، في الربيع، حين جاءت طيور السنونو واللقلق، سألتها شجرة التنوب: «هل تعلمون إلى أين أخذت تلك الأشجار؟ هل قابلتموها؟»
لم تكن طيور السنونو تعلم شيئا؛ لكن أحد طيور اللقلق، بعد القليل من التفكير، أومأ برأسه وقال: «نعم، أعتقد أنني أعرف. حين طرت من مصر، لاحظت العديد من السفن الجديدة، وكان لها صوار رائعة تفوح منها رائحة تشبه رائحة أشجار التنوب. لا بد أن هذه كانت الأشجار؛ وأؤكد لك أنها كانت فخمة وتبحر في أبهة شديدة!»
قالت شجرة التنوب: «أوه، كم أتمنى لو كان طولي كافيا للذهاب إلى البحر. فلتخبرني ما هو هذا البحر، وكيف يبدو؟»
قال طائر اللقلق وهو يحلق بعيدا على عجل: «هذا الأمر شرحه يطول؛ يطول جدا.»
قال شعاع الشمس: «فلتبتهجي بشبابك، ولتنعمي بأغصانك الغضة وبالحياة الشابة الكامنة فيك.»
وقبلت الرياح الشجرة، وسقاها الندى بالدموع، لكن شجرة التنوب لم تأبه لهم. •••
اقترب وقت الكريسماس، وقطع العديد من الأشجار الشابة، ومنها ما كان أصغر طولا وعمرا من شجرة التنوب، التي لم تنعم براحة أو سلام لتلهفها إلى مغادرة غابتها. الأشجار الشابة التي اختيرت لجمالها، احتفظت بفروعها، ووضعت هي الأخرى على عربات وجرتها الخيول بعيدا خارج الغابة.
تساءلت شجرة التنوب: «إلى أين ستذهب؟ إنها لا تزيد عني طولا؛ وإحداها ليست طويلة جدا قطعا. ولماذا احتفظوا بكل فروعها؟ إلى أين هي ذاهبة؟»
شدت طيور السنونو قائلة: «نحن نعرف، نحن نعرف، لقد نظرنا من خلال نوافذ المنازل في البلدة، وعرفنا ما يحدث لها. أوه، لا يمكنك أن تتخيلي ما تلقاه من شرف وعظمة. فهي تتأنق بأسلوب غاية في الروعة. لقد رأيناها واقفة في منتصف غرفة دافئة، تزينها أشياء جميلة من شتى الأنواع؛ كعك العسل، والتفاح الذهبي، واللعب، ومئات عديدة من الشموع.»
صفحة غير معروفة