[مجاورة الظالمين شقاء وفتنة]
وقال سبحانه فيمن تعدى أمره وحكمه : ( فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا (62) أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) (63) [النساء : 62 63]. ومن الإعراض ما ذكرنا من الهجرة والمصارمة (1)، ومنها أيضا فرفض للمخاطبة والمكالمة ، والغلظة فمنها العظة وهي من يسيرها وقليلها ، لا من كثيرها وجليلها ، فكيف يكون مغالظا؟! من لم يكن لمن ظلم واعظا! وكيف يكون مهاجرا لمن ظلم مجاهدا؟! من كان مؤاكلا له أو معاملا أو مقاعدا! لا كيف وإن عارض فيه (2) معارض بتحيير أو تشبيه ، أو شبه فيه على جائر بضروب من الحيرة والأماويه ، (3) أما يسمعون لقول الله جل ثناؤه: ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ) (123) [التوبة : 123]. فأمرهم سبحانه بالغلظة في القتال والمقال على الكافرين.
وكيف يعقد لهم سبحانه حرمة الجوار؟! وقد أوجب ما أوجب من حقوق الجار! وأمر بالإحسان إليه ، والإفضال عليه ، فقال : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ) [النساء : 36] ، فلو كان الأمر في هذا (4) كما ظن من يجهل لكان هذا تناقضا في أحكام الرب ، ولكنه سبحانه أوجب عليهم حقوق الجوار ، بعد أن أمرهم (5) بمهاجرة الكفار.
الأماويه : التلبيسات والمخادعات.
صفحة ٢٥٤