وقال بعض الخلفاء لحاجبه: إذا جلست فأذن للناس جميعا علي، وأبرز لهم وجهي، وسكن عنهم الأحراس، واخفض لهم الجناح، وأطب لهم بشرك، وألن لهم في المسألة والمنطق، وارفع لهم الحوائج، وسو بينهم في المراتب، وقدمهم على الكفاية والغناء، لا على الميل والهوى.
[3- واجبات الحاجب]
وقال آخر لحاجبه: إنك عيني التي أنظر بها، وجنة أستنيم إليها، وقد وليتك بابي فما تراك صانعا برعيتي؟
قال: أنظر إليهم بعينك، وأحملهم على قدر منازلهم عندك، وأضعهم لك في إبطائهم عن بابك ولزومهم خدمتك مواضع استحقاقهم، وأرتبهم حيث وضعهم ترتيبك، وأحسن إبلاغك عنهم وإبلاغهم عنك.
قال: قد وفيت بما عليك ولك قولا، إن وفيت به فعلا. والله ولي كفايتك ومعونتك.
وعهد أمير إلى حاجبه فقال: إن أداء الأمانة في الأعراض أوجب منها في الأموال، وذلك أن الأموال وقاية للأعراض، وليست الأعراض بوقاية للأموال. وقد ائتمنتك على أعراض الغاشين لبابي، وإنما أعراضهم أقدارهم، فصنها لهم، ووفرها عليهم. وصن بذلك عرضي، فلعمري إن صيانتك أعراضهم صيانة لعرضي، ووقايتك أقدارهم وقاية لقدري؛ إذ كنت الحظي بزين إنصافهم إن أنصفوا، والمبتلى بشين ظلمهم إن ظلموا في غشيانهم بابي، وحضورهم فنائي.
صفحة ٥٦٨