حفظ العمر
محقق
محمد بن ناصر العجمي
الناشر
دار البشائر الإسلامية
الإصدار
الأولى ١٤٢٥ هـ
سنة النشر
٢٠٠٤ م
كَأَنَّ خُوَيْلا قَدْ وَقَفَ لِلْحِسَابِ فَقِيلَ لَهُ: يَا خُوَيْلُ بْنَ مُحَمَّدٍ قَدْ عَمَّرْنَاكَ سِتِّينَ سَنَةً، فَمَا صَنَعْتَ فِيهَا؟ فَجَمَعَ نَوْمَ سِتِّينَ سَنَةً مَعَ قَائِلَةِ النَّهَارِ، وَإِذَا قِطْعَةٌ مِنْ عُمْرِي نَوْمٌ، وَجَمَعْتُ سَاعَاتِ أَكْلِي، فَإِذَا قِطْعَةٌ مِنْ عُمْرِي قَدْ ذَهَبَتْ فِي الأَكْلِ، ثُمَّ جَمَعْتُ سَاعَاتِ وُضُوئِي، فَإِذَا قِطْعَةٌ مِنْ عُمْرِي ذَهَبَتْ فِيهَا، ثُمَّ نَظَرْتُ فِي صَلاتِي، فَإِذَا صَلاةٌ مَنْقُوصَةٌ وَصَوْمٌ مُنْخَرِقٌ، فَمَا هُوَ إِلا عَفْوُ اللَّهِ أَوِ الْهَلَكَةُ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ذُكِرَ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ تَوْبَةُ بْنُ الصِّمَّةِ بِالرَّقَّةِ، وَكَانَ مُحَاسِبًا لِنَفْسِه، فَحَسَبَ فَإِذَا هُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، فَحَسَبَ أَيَّامَهَا فَإِذَا هِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ألف يوم وخمسمائة يَوْمٍ، فَصَرَخَ وَقَالَ: يَا وَيْلَتِي، أَلْقَى الْمَلِيكَ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ ذَنْبٍ؟ كَيْفَ، وَفِي كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةُ آلافِ ذَنْبٍ، ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، فَسَمِعُوا قَائِلا يَقُولُ: يَا لَكِ رَكْضَة إِلَى الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى.
قَدْ أَشَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ إِلَى مَا يَكْفِي فِيمَا قَصَدْنَا لَهُ، وَسِيَرُ الْمُجْتَهِدِينَ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا نُبْذَةً مِنْ أُمَّهَاتِ السِّيَرِ وَالْمَعَانِي، ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ﴾ .
1 / 69