296

هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين

ومع هذا الفضل العظيم والعلم الباهر اختصاصه بالجهاد، وسلوكه منهج الآباء والأجداد، وما كان من المواقف المحمودة، والمواطن المشهودة، وقد أعرضنا عن ذكرها لأن القصد هاهنا الإشارة إلى قوة علمه وجودة فهمه، وأن أحدا من أبناء الزمان لا يشاكله ولا يماثله، ولا يناظره في العلم ولا يناضله، فيكون هذا من أقوى الأسباب المرجحة لعلم العترة النبوية، والتزام مذهبهم في المسائل الشرعية، والمضطربات الاجتهادية، وقد طال الكلام في المؤيد بالله بعض الطول لأنه عليه السلام من وجوه أئمة العترة المطهرين، وعلى علمه مدار خلق كثير من العلماء الراشدين؛ فأردنا الإشارة إلى ذلك.

ونعود إلى تمام الأئمة المذكورين في الترجمة السابقة؛ فنقول:

[الإمام يحيى بن الحسين (أبو طالب)]

(340- 424ه / 952- 1033م)

وأما الإمام الناطق بالحق الظافر بتأييد الله عز وجل، أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون عليه السلام:

فهو تلو أخيه في فضله وعلمه وذكائه وفهمه، وكان يقال: (ليس تحت الفرقدين مثل السيدين).

قال الفقيه حميد [رحمه الله] في وصفه: قرأ على السيد أبي العباس الحسني رحمه الله فقه العترة عليهم السلام حتى لجج في غماره، ووصل قعر بحاره، وقرأ في علم الكلام على الشيخ أبي عبدالله البصري فاحتوى على فرائده ، وأحاط بمكنونه وفوائده، وكذلك قرأ عليه في أصول الفقه، ولقي غيره من شيوخ الاعتزال فأخذ عنهم، حتى أضحى في فنون العلم بحرا يتغطمط تياره، ويتلاطم زخاره.

صفحة ٣٤٠