207

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

محقق

محمد أحمد الحاج

الناشر

دار القلم- دار الشامية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

مكان النشر

جدة - السعودية

وَقَدْ صَرَّحَتْ بِاسْمِهِ، فَفِي نَصِّ التَّوْرَاةِ لَا يَزُولُ الْمُلْكُ مِنْ آلِ يَهُودَا، وَالرَّسْمُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمَسِيحُ، وَكَانُوا أَصْحَابَ دَوْلَةٍ حَتَّى ظَهَرَ الْمَسِيحُ فَكَذَّبُوهُ وَرَمَوْهُ بِالْعَظَائِمِ وَبَهَتُوهُ وَبَهَتُوا (أُمَّهُ)، فَدَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَزَالَ مُلْكَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (جَاءَ اللَّهُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ، وَأَشْرَقَ مِنْ سَاعِيرَ، وَاسْتَعْلَنَ مِنْ جِبَالِ فَارَانَ، فَأَيُّ نُبُوَّةٍ أَشْرَقَتْ مِنْ سَاعِيرَ غَيْرُ نُبُوَّةِ الْمَسِيحِ؟ وَهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ قَائِمًا يَقُومُ فِيهِمْ مِنْ وَلَدِ دَاوُدَ النَّبِيِّ إِذَا حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالدُّعَاءِ مَاتَ جَمِيعُ الْأُمَمِ وَلَا يَبْقَى إِلَّا الْيَهُودُ، وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ بِزَعْمِهِمْ هُوَ الْمَسِيحُ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ.
قَالُوا: وَمِنْ عَلَامَةِ مَجِيئِهِ أَنَّ الذِّئْبَ وَالتَّيْسَ يَرْبِضَانِ مَعًا، وَأَنَّ الْبَقَرَةَ وَالذِّئْبَ يَرْعَيَانِ جَمِيعًا، وَأَنَّ الْأَسَدَ يَأْكُلُ التِّبْنَ كَالْبَقَرِ. فَلَمَّا بُعِثَ الْمَسِيحُ كَفَرُوا بِهِ عِنْدَ مَبْعَثِهِ. وَأَقَامُوا يَنْتَظِرُونَ مَتَى يَأْكُلُ الْأَسَدُ التِّبْنَ (كَالْبَقَرَةِ)، حَتَّى تَصِحَّ لَهُمْ عَلَامَاتُ مَبْعَثِ الْمَسِيحِ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذَا الْمُنْتَظَرَ مَتَى جَاءَهُمْ يَجْمَعُهُمْ بِأَسْرِهِمْ إِلَى الْقُدْسِ، وَتَصِيرُ لَهُمُ الدَّوْلَةُ، وَيَخْلُو الْعَالَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَيُحْجِمُ الْمَوْتُ عَنْ جَنَابِهِمُ الْمَنِيعِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَدْ عُوِّضُوا مِنَ الْإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ انْتِظَارَ مَسِيحِ الضَّلَالَةِ الدَّجَّالِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَظِرُونَهُ حَقًّا، وَهُمْ عَسَاكِرُهُ وَأَتْبَعُ النَّاسِ لَهُ، وَيَكُونُ لَهُمْ فِي زَمَانِهِ شَوْكَةٌ وَدَوْلَةٌ إِلَى أَنْ يَنْزِلَ مَسِيحُ الْهُدَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقْتُلَ مُنْتَظَرَهُمْ، وَيَضَعُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِيهِمُ السُّيُوفَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ وَرَاءَ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولَانِ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي تَعَالَى فَاقْتُلْهُ. فَإِذَا نَظَّفَ الْأَرْضَ مِنْهُمْ وَمِنْ عُبَّادِ الصَّلِيبِ فَحِينَئِذٍ يَرْعَى الذِّئْبُ وَالْكَبْشُ مَعًا،

2 / 423