هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
Creeds and Sects
يُقِيمُهُ اللَّهُ مِنْ جُمْلَةِ عِبَادِهِ وَإِخْوَتِهِمْ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا لَا غَايَةَ لَهُ فَوْقَهَا، وَهَذَا لَيْسَ هُوَ الْمَسِيحُ عِنْدَ النَّصَارَى. وَأَمَّا مَقَالَتُهُمْ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، وَالْمَعْنَى (أَأُقِيمَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيًّا مِثْلَكَ) - عَادَةٌ لَهُمْ مَعْرُوفَةٌ فِي تَحْرِيفِ كَلَامِ اللَّهِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، وَقَوْلُهُمْ لِمَا يُبَدِّلُونَهُ وَيُحَرِّفُونَهُ: هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
وَحَمْلُ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَالْإِنْكَارِ غَايَةُ مَا يَكُونُ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ.
وَهَذَا التَّحْرِيفُ وَالتَّبْدِيلُ مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنِ اللَّهِ مِنْ تَحْرِيفِهِمْ وَتَبْدِيلِهِمْ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ صِدْقَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى كُلِّ ذِي لُبٍّ وَعَقْلٍ، فَازْدَادَ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِ، وَازْدَادَ الْكَافِرُونَ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ.
قَالَ فِي التَّوْرَاةِ فِي السِّفْرِ الْخَامِسِ: أَقْبَلَ اللَّهُ مِنْ سَيْنَاءَ، وَتَجَلَّى مِنْ سَاعِيرَ، وَظَهَرَ مِنْ جِبَالِ فَارَانَ، وَمَعَهُ رَبْوَاتُ الْأَطْهَارُ عَنْ يَمِينِهِ، وَهَذِهِ مُتَضَمِّنَةٌ لِلنُّبُوَّاتِ الثَّلَاثَةِ: نُبُوَّةِ مُوسَى، وَنُبُوَّةِ عِيسَى، وَنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
فَمَجِيئُهُ مِنْ سَيْنَاءَ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى وَنَبَأَهُ عَلَيْهِ إِخْبَارٌ عَنْ نُبُوَّتِهِ.
وَتَجَلِّيهِ مِنْ سَاعِيرَ هُوَ مَظْهَرُ عِيسَى الْمَسِيحِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَسَاعِيرُ: قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ هُنَاكَ إِلَى الْيَوْمِ، وَهَذِهِ بِشَارَةٌ بِنُبُوَّةِ الْمَسِيحِ.
وَفَارَانُ: هِيَ مَكَّةُ، وَشَبَّهَ ﷾ نُبُوَّةَ مُوسَى بِمَجِيءِ الصُّبْحِ، وَفَلْقِهِ، وَنُبُوَّةَ الْمَسِيحِ بَعْدَهَا بِإِشْرَاقِهِ وَضِيَائِهِ، وَنُبُوَّةَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ بَعْدَهُمَا ﷺ بِاسْتِعْلَانِ الشَّمْسِ
1 / 319