هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
العقائد والملل
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: نَبِيًّا مِثْلَكَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَاحِبُ شَرِيعَةٍ عَامَّةٍ مِثْلَ مُوسَى، وَهَذَا يُبْطِلُ حَمْلَهُ عَلَى شَمْوَئِيلَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَيْضًا، وَيُبْطِلُ حَمْلَهُ عَلَى يُوشَعَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا مِنْ إِخْوَتِهِمْ.
الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ مُوسَى، فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ: لَا يَقُومُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى.
الثَّالِثُ: أَنَّ يُوشَعَ نَبِيٌّ فِي زَمَنِ مُوسَى، وَهُوَ كَالِبُ، وَهَذَا الْوَعْدُ إِنَّمَا هُوَ بِنَبِيٍّ يُقِيمُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ مُوسَى.
وَبِهَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ يَبْطُلُ حَمْلُهُ عَلَى هَارُونَ، مَعَ أَنَّ هَارُونَ تُوُفِّيَ قَبْلَ مُوسَى، وَنَبَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ مُوسَى فِي حَيَاتِهِ، وَيَبْطَلُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ رَابِعٍ أَيْضًا وَهُوَ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْبِشَارَةِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ كِتَابًا يَظْهَرُ لِلنَّاسِ مِنْ فِيهِ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ بَعْدَ مُوسَى غَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ، قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
فَالْقُرْآنُ نَزَلَ عَلَى قَلْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَظَهَرَ لِلْأُمَّةِ مِنْ فِيهِ، وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْبِشَارَةُ عَلَى الْمَسِيحِ بِاتِّفَاقِ النَّصَارَى، لِأَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ بِوَاحِدٍ مِنْ إِخْوَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ وَإِخْوَتُهُمْ كُلُّهُمْ عَبِيدٌ لِلَّهِ، لَيْسَ فِيهِمْ إِلَهٌ، وَالْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ إِلَهٌ مَعْبُودٌ، وَهُوَ أَجَلُّ عِنْدِهِمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ إِخْوَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَبِيدِ، وَالْبِشَارَةُ وَقَعَتْ بِعَبْدٍ مَخْلُوقٍ
1 / 318