والقراءة من مقولة الكيف المسموع ، والركوع من مقولة الوضع ، والمقولات أجناس عالية لا يمكن تصوير الجامع الحقيقي بينهما ، فلا يتصور الجامع الحقيقي بين أجزاء صلاة واحدة ، فكيف بين جميع الأفراد الصحيحة على اختلاف مراتبها ، فإذا لم يمكننا تصور جامع يكون هو مؤثرا في النهي عن الفحشاء في جميع الصلوات على اختلافها ، لا بد من حمل قوله تعالى : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) (1) على أحد وجوه ثلاثة : إما على أن كل جزء من أجزاء الصلاة من التكبيرة والقراءة والركوع والسجود وغير ذلك يوجب سنخا خاصا من النهي عن الفحشاء في حال انضمامه مع غيره مغايرا للآخر ، أو أن الصلاة بما أنها مشروطة بشرائط من طهارة البدن واللباس وإباحة المكان واللباس وغير ذلك ، فلا بد لمن يريد الصلاة صحيحة [من] أن يجتنب عن النجاسات ، وأن لا يغصب أموال الناس ، ويخرج حقوق الفقراء من أمواله حتى لا يبتلى بالصلاة في اللباس النجس والمغصوب أو المتعلق لحق الفقراء ، فكون الصلاة ناهية عن الفحشاء باعتبار أن المصلي لا بد له في إحراز صحة صلاته [من] أن يجتنب عن كثير من المحرمات حتى لا يقع في محذور فقدان ما له دخل في صحتها ، أو أن الصلاة حيث إنها مقربة للعبد وموجبة لكمال النفس تصير سببا لارتقاء النفس بمرتبة تأبى عن الفحشاء والمنكر.
صفحة ٨٤