ثانيهما : أن يستعملها الشارع في معانيها الشرعية ويعينها لها بنفس هذا الاستعمال ، كما إذا أراد أحد أن يسمي ابنه «حسنا» فيقول : «جئني بحسن» مشيرا إلى ولده ، فالوضع التعييني يحصل بنفس هذا الاستعمال.
وأورد على هذا الوجه شيخنا الأستاذ قدسسره بأن لازمه لحاظ اللفظ آلة واستقلالا في زمان واحد ، وهو محال ، وذلك لأن الاستعمال يقتضي لحاظ اللفظ آلة والنظر إليه مرآة وجعله فانيا في المعنى ، والوضع يقتضي لحاظ اللفظ مستقلا ، ولا يمكن الجمع بينهما في زمان واحد هو زمان الاستعمال (1).
وفيه ما مر من أن الاستعمال جعل اللفظ علامة للمعنى ، ولا محذور في كون الشيء علامة لشيئين ، ولا مانع من لحاظ اللفظ مستقلا حين الاستعمال ، فإن من يقول : «جئني بماء» في مقام إظهار أنه عارف باللسان العربي مع كونه عطشان يريد الماء جدا ، قد استعمل هذه الجملة في معناها ولاحظ ألفاظها مستقلا.
وأفاد صاحب الكفاية أن لازم ذلك أن الاستعمال الأول الذي يتحقق به الوضع لا يكون حقيقة ولا مجازا ، نظير استعمال اللفظ في نوعه أو صنفه (2).
وفيه : أن الوضع بأي معنى كان سابق على الاستعمال ،
صفحة ٧٧