«إن فلانا أخبر عن قيام زيد وحكى عنه حقيقة» كما يصح أن يقال في حق من قام بقصد التعظيم : «إنه عظم فلانا».
والحاصل : أن كثيرا من الأفعال الاختيارية إذا صدرت بقصد شيء وبداعي عنوان من العناوين ، يكون مصداقا لما قصده ومعنونا بذاك العنوان المقصود به حقيقة ، والتلفظ بالجملة الاسمية بقصد الحكاية من هذا القبيل بالجعل والمواضعة ، كما أن وضع العمامة على الرأس أو تحريك الرأس أحيانا يكون مصداقا للإخبار أيضا بالجعل والمواضعة.
ثم إن دلالة الهيئة على معناها كدلالة المفردات على معناها لا تتصف بالصدق والكذب ، بل لو لم يرد المتكلم الحكاية ومع ذلك أتى بجملة اسمية بلا نصب قرينة على الخلاف ، لا يصح إسناد الكذب إليه ، كما لا يصح ذلك لو لم يرد من لفظ «زيد» و «قائم» معناه ، بل يقال : إنه خالف تعهده ، فاتصاف الكلام بالصدق والكذب ليس باعتبار دلالته وعدم دلالته ، بل باعتبار مطابقة ما قصد حكايته مع الواقع وعدم مطابقته.
ثم إن مادة المشتقات لا تكون مصادر ولا أسماء المصادر ، فإن المصدر لوحظ في مقام وضعه العرض بما هو عرض ، ووضع للعرض بوصف العرضية ، واسم المصدر وضع لنفس العرض بلا لحاظ وصف العرضية فيه يعني بإلغائه ، وواضح أن كلا منهما على هذا مباين مع الآخر ، لأخذ خصوصية فيه مباينة مع ما أخذ في
صفحة ٥٢